سؤال رقم/359
سؤال من أخ فاضل:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالك شيخنا اطال الله في عمرك هذا سؤال لأخت في الجروب أود ان اسأل: هل يجوز التطوع في مؤسسة تربوية، علما أن البنك هو الداعم لهذه المؤسسة، لكن المتطوع لا يتقاضى أجرا لكنه فقط يغرس القيم لدى الأطفال. وقد تقرأ لليافعين بعض القصص عن الخلق ليست على صواب، أي اقصد أن بها بعض المخالفات لكن مجال تطوعي أنا من اختاره لغرس القيم بالأطفال ولا اتقاضى اجراً فقط قد ندعى للطعام ؟
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي الحبيب بجوز التطوع بل طالما لا تأخذ أجر مقابل العمل التطوعي لأنه عمل حلال ولكن المال حرام والأثم علي البنك ومن يتعاون معه أما من يقوم بالعمل التطوعي فهو مثاب أن شاء الله وكما تعلم أن المال الحرام من البنك أي الربا من فوائد المال لا يجوز للمسلم أن يستفاد منها لأنها حرام فماذا نفعل بها ؟
قال أهل الفضل: الأصل العام في الشريعة : أن المال المكتسب بسبب حرام لا يدخل في ملك المسلم، والواجب التحلل منه والخروج عن إثمه بدفعه إلى الفقراء والمحتاجين ، أو التبرع به إلى مشروع خيري يحقق منفعة عامة للإسلام والمسلمين.انتهي
وطالما البنك ينفق علي المشروع فماله حرام وليس مثاب عليه أما من يعمل في المشروع فلا ذنب له .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " لا حرج عليك أن تقبل ما عرض عليك من مال اكتسب من ربا لتنفقه في حاجتك ، أو تتصدق به على الفقراء ، أو تبني به مدرسة ؛ لأن الإثم على الكاسب ، ثم إن أخرجوه تخلصاً منه وتوبة إلى الله منه ، فهم مأجورون وتبرأ ذمتهم بذلك ، وإن أخرجوه تقرباً إلى الله تعالى به لم يقبل منهم ولم تبرأ ذممهم بذلك ، لكن آخذه لا حرج عليه " انتهى من " مجموع فتاوى ابن عثيمين " (18/471) .
ولكن تورعا لمن يعمل في الأعمال الخيرية أن لا يأخذ أجرة لأن المال يصرف علي العمل الخيري للفقراء واليتامي أو في مشروعات خيرية ومصالح عامة ، كبناء المدارس والعيادات الطبية ومداواة المرضى ، وإعانة طلبة العلم الفقراء وغير ذلك ليستفيد منها المحتاجون أما من يعمل فالتورع عنه أخذ أجره أفضل إلا للضرورة وتقدر بقدرها لكن لو كان هناك من يمول النشاط الخيري مع البنك بتمويل حلال كشركات ورجال أعمال وغير ذلك صار المال مختلط فيجوز أخذ الأجرة ولا حرج
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
أبي - غفر الله له - يعمل في بنك ربوي ، فما حكم أخذنا من ماله وأكلنا وشربنا من ماله ؟ فأجاب :
" أقول : خذوا النفقة من أبيكم ، لكم الهناء ، وعليه العناء ؛ لأنكم تأخذون المال من أبيكم بحق ؛ إذ هو عنده مال وليس عندكم مال ، فأنتم تأخذونه بحق ، وإن كان عناؤه وغرمه وإثمه على أبيكم ، فلا يهمكم ، فها هو النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبَل الهدية من اليهود ، وأكل طعام اليهود ، واشترى من اليهود ، مع أن اليهود معروفون بالربا ، وأكل السحت ، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام يأكل بطريق مباح ، فإذا ملك بطريق مباح : فلا بأس ، انظر مثلاً " بريرة " مولاة عائشة رضي الله عنهما ، تُصدق بلحم عليها ، فدخل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوماً إلى بيته ووجد البُرمة – القِدر - على النار ، فدعا بطعام ، ولم يؤتَ بلحم ، أتي بطعام ولكن ما فيه لحم ، فقال : ( ألم أر البرمة على النار ؟ ) قالوا : بلى يا رسول الله ، ولكنه لحم تُصدق به على " بريرة " - والرسول عليه الصلاة والسلام لا يأكل الصدقة - ، فقال : ( هو لها صدقة ولنا هدية ) فأكله الرسول عليه الصلاة والسلام مع أنه يحرم عليه هو أن يأكل الصدقة ؛ لأنه لم يقبضه على أنه صدقة بل قبضه على أنه هدية .
فهؤلاء الإخوة نقول : كلوا من مال أبيكم هنيئاً مريئاً ، وهو على أبيكم إثم ووبال ، إلا أن يهديه الله عز وجل ويتوب ، فمن تاب : تاب الله عليه .
" اللقاء الشهري " ( 45 / السؤال رقم 16 )
فالحاصل طالما هي تعمل عمل تطوعي ولا تأخذ أجرة تورعا منها فهي مثابة علي ذلك وعملها طيب والذنب علي البنك ومن تعاون معه.
وكما تعلم أخي الحبيب أن الكثير من الشركات وخصوصا القطاع الخاص تصرف مرتبات موظفيها بمال مختلط بفوائد الربا التي تضعه في البنوك من أجل الربح الربوي الذي يزيد المبلغ فالذنب ليس علي الموظفين طالما عملهم حلال بل علي صاحب العمل فكما قال ابن العثيمين- لكم الهناء ، وعليه العناء وهذا هو الصواب فلا تزر وازرة وزر أخري
وبالنسبة لقولك" وقد تقرأ لليافعين بعض القصص عن الخلق ليست على صواب، اي اقصد أن بها بعض المخالفات لكن مجال تطوعي "
لا افهم كيف يكون عمل تربوي وتقرأ بعض القصص التي فيها مخالفات وما الذي يمنع أن تقرأ الصحيح الذي لا يخالف الشرع طالما عمل تربوي ولكن أن كنت تقصد أن البنك يتدخل ويحدد طريقة عمل المؤسسة ويتعمد تلويث عقيدة وافساد إخلاق أبنائنا وبناتنا لأنه رب العمل ومموله والأخت تحاول غرس القيم في الخفاء مع بعض المخالفات فلا أري هذا صوابا بل لابد من تبليغ الجهات المختصة بالرقابة علي هذ المؤسسة فأن كانوا مشتركين فلا أري أن تعمل بل من واجبها تحذير أولياء الأمور بخطورة هذه المؤسسة علي أبنائها هذا أن كان البنك ومن يمول يفرض طريقة مخالفة للشرع ومحاربة للدين ولكن أن كان غير ذلك فكما ذكرت في بداية الكلام مع تنبيه الأخت الفاضلة بالحرص علي ترك ما يخالف الشرع لتحافظ علي إخلاصها لله من الرياء الذي يحبط العمل بالمخالفات التي لا ترضي الله تعالي هذا والله أعلم واحكم