مقدمة الحل الإسلامي لمحاربة التطرف والغلو الديني والمادي

مقدمة
الحل الإسلامي لمحاربة التطرف والغلو الديني والمادي

أحبتي في الله.. إن الحمد لله نحمده ونستعينُه ونَستغفِره، ونعوذ بالله مِن شُرور أنفسِنا، ومِن سيئات أعمالنا، مَن يَهدِه الله فلا مضلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبِه أجمعين.
أما بعد، فإن أصدَق الحديث كلام الله، وخير الهدْي هديُ محمد، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكل مُحدَثة بدعة، وكل بدعة ضَلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد.
بعد حادث مسجد الروضة في سيناء وما كان قبله من حوادث سفكت فيها الدماء في مصرنا الحبيبة وما سيكون بعد ذلك!
طالما المشكلة بلا حل ينبع من تعاليم القرآن والسنة وبصرف النظر عن صياح وسفة خطباء الفتنة في وسائل اعلامنا التي صارت بوق للعلمانيين والالحاديين وكل من يهرف بما لا يعرف ،وضياع البصيرة في علاج أصل المشكلة من أهل الحل والعقد واتهام الإسلام تارة بالتلميح الخبيث وتارة أخري بالتصريح الصريح بلا مواربة بأنه سبب هذه الكوارث والمصائب وسبب هذا الغلو والتطرف والإرهاب من اتباعه وظهرت هوجة اعلامية علمانية والحادية بأن مصر تحتاج لخطاب ديني معتدل ، وانتشرت دعوة خبيثة للأسف يتبناها أهل الحل والعقد لتجديد الخطاب الديني وكأنه دين همجي بربري يدعو اتباعه لسفك الدماء واستحلال المحرمات وبالتعميم الخبيث من اتباع إبليس دون تفريق بين الصالح والطالح وبين أهل الحق ممن يدرك حقيقة الإسلام وعظمته وأهل الباطل ممن ينتسبون للإسلام زوراً وبهتاناً لضربه في الصميم، وأننا نجد البعض من اتباع إبليس يربط النصوص المقدسة من القرآن والسنة بالإرهاب بقصد وسوء نية فضلاً عن كثرة القيل والقال بعدم وجود حل إسلامي عصري من القرآن والسنة لعلاج سلبيات المجتمع وأنه دين لا يصلح للمجتمعات المعاصرة ناهيك عن محاولات خبيثة لجعل الدين وشريعة الإسلام مجرد طقوس بين العبد وربه فارغة من المضمون الذي يربط الدين بالدنيا ، واقولها بكل صراحة أن الغلو والتطرف لا وطن له ولا دين وأننا أن أردنا حلاً إسلامياً لعلاج آفات المجتمع وأمراضه المستعصية وأن صدقت النية حقاً فهو قطعاً لابد أن ينبع من تعاليم القرآن والسنة لا من القوانين والدساتير الوضعية القاصرة وسنبين ذلك من خلال هذا البحث – وسوف ننشره علي حلقات متتابعة كل يومين- وهو حل إسلامي بالأدلة الشرعية لتخرص السنة الحاقدين والكارهين للإسلام ممن يهرف بما لا يعرفـ ،ومن أجل انقاذ الأجيال القادمة من خطر محدق ستكون عواقبه وخيمة على الأفراد والجماعات فالغلو والتطرف الممقوت بأنواعه المختلفة الديني والمادي جذوره ضاربة في أعماق التاريخ.
ولا يغيب عن العقلاء أن إنكار الحقائق الذي سببها الغلو في الدين والدنيا وانحراف الفكر معاً ضرب من السفه، واهمال العلاج لتجنب خطرهما بأنواعهما المختلفة بصفة عامة والمادي والديني بصفة خاصة في عصرنا هذا سيؤدي بنا إلى ضياع هويتنا وستظل أثاره مدمرة على الأجيال الشابة المقبلة.
ومن ثم رأيت في هذا البحث أن نبين خطورة الغلو والتطرف الديني والمادي بأنواعه و ما فيهما من انحراف فكر وما ينشا منهما من تصادم مع الشريعة نصاً وروحاً مع بيان مظاهرهما واسباب وطرق العلاج الممكنة حسب ما يتبين لي من واقع يدمي القلب نراه ونلمسه فضلاً عن دراسات وابحاث من سبقونا ونحن ندرك جيداً خطورته وأهمية التصدي له بكل حزم وقوة من أهل الحل والعقد حتي لا نجد أنفسنا في دوامة من الإهمال والاخطاء والتهاون التي لا سبيل من الهرب منها فتكون الأمة برجالها ونسائها وشبابها وأطفالها صيداً سهلاً يناله سيوف الأعداء وكيدهم في ضرب تماسك الأمة المحمدية في الصميم وتشتتها في معارك داخلية دموية وفكرية تؤدي إلي حرق الاخضر واليابس وانتشار الغلو والانحراف والتطرف الذي يتصادم كماً وكيفاً مع نصوص الشريعة السمحة التي تحث علي الوسطية والاعتدال في الأمور كلها ونصوصها الصحيحة والصريحة واضحة لكل ذي عين ومن ثم قسمت هذا البحث لثلاث فصول كما يلي:
الفصل الأول: بيان حقيقة الغلو والانحراف الفكري المعاصر.
الفصل الثاني: بيان خطورة الغلو والانحراف العقدي والمادي على الأمة بصفة خاصة وطرق علاجه بتحكيم الشريعة.
الفصل الثالث: بيان بالوصايا المقترحة لعلاج الغلو والانحراف الفكري في المجتمعات المعاصرة على مختلف الأصعدة المؤثرة في المجتمعات المعاصرة مع ذكر الأسباب والمظاهر المشتركة وطرق علاجها بتحكيم الشريعة.
هذا وقد جعلت منهجي ببيان الدليل في هذ البحث من القرآن وصحيح السنة النبوية ثم أقوال العلماء الثقات من خلال مؤلفاتهم من أهل السنة والجماعة ثم خلاصة التجارب البشرية من دارسات وابحاث واقوال المصلحين والباحثين وخلافه وقد جعلت عنوان هذا البحث " الحل الإسلامي
لمحاربة التطرف والغلو الديني والمادي
"، وذكرت المراجع وخرجت الأحاديث وأعطيت لكل ذي حق حقه، وحرصت على تسجيل الكثير من التنبيهات والملاحظات والمحظورات والتجارب الشخصية خلال رحلتي في الدعوة التي تجاوزت الثلاثين عاماً.
وبعد. هذا جهد المقل فأن كان ما به صواباً فمن الله وتوفيقه وأن كان ما به من خطأ فمني ومن الشيطان والله تعالي ورسوله-صلي الله عليه وسلم-منه بريء ولا ادعي إني استقصيت المراد بما ذكرت ونقلت، ولكن لعل أنال به دعوة صالحة بظهر الغيب أو حسنات ماحية أنا في أشد الحاجة إليها يوم لا ينفع مال ولابنون، والله أسأل أن يجعله خالصاً لوجه الكريم، وأن ينفع به، وأن يغفر لي ولجميع المسلمين إنه سميع مجيب الدعاء، وصل الله على سيدنا محمد وعلى آلة وصحبه أجمعين.
وكتبه الفقير لعفو ربه
سيد مبارك