موضوع: سؤال عن سورة المؤمنون الجمعة 26 أبريل 2019 - 14:41
سؤال رقم/349 سؤال من أخ فاضل: فى سورة النحل يقول الحق تبارك وتعالى {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66)} وفى سورة المؤمنون يقول تعالي { إِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21) }بالنسبة الى النحل يخرج من بطونه شراب هنا نلاحظ أن بطون الأولى للمذكر وبطون الثانية في المؤمنون للمؤنث فما هو الفرق بينهما؟ الجواب: بداية أخي الحبيب اعتذر فقد قمت بتعديل صيغة السؤال الذي ذكرته في التعليقات ليكون مفهوما لمن يتابع ورأيت أن ذلك أفضل لفهم سؤالك وأنا افهم مقصدك هذا من جهة . وبالنسبة للمذكر والمؤنث مع أن الكلام واحد فيكون السؤال الذي تسأله جميل وفيه تدبر وتعمق في بيان سبب التفريق وهذا ينمي الفكر ويثري عقولنا وتدبرنا بوركت ونسأل معك لماذا قال تعالى بطونه بصيغة المذكر وليس بصيغة المؤنث رغم أن اللبن يخرج من الإناث وليس الذكور كما هو معلوم؟ بل العجيب أخي الحبيب لو تأملت سورة النخل وبالتحديد الآية 69 وهي قوله تعالي { ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} النحل 69 فخروج العسل من النحل جاء بصيغة المؤنث ولا يخفي عليك أن كلمة النحل مذكر ولهذا أختلف أهل التفسير: قال الشوكاني- رحمه الله: الضمير في قوله : { مّمَّا فِى بُطُونِهِ } راجع إلى الأنعام . قال سيبويه : العرب تخبر عن الأنعام بخبر الواحد . وقال الزجاج : لما كان لفظ الجمع يذكر ويؤنث ، فيقال : هو الأنعام ، وهي الأنعام جاز عود الضمير بالتذكير . وقال الكسائي : معناه : مما في بطون ما ذكرنا ، فهو على هذا عائد إلى المذكور . قال الفراء : وهو صواب . وقال المبرد : هذا فاش في القرآن كثير ، مثل قوله للشمس { هذا رَبّى } [ الأنعام : 78 ] يعني : هذا الشيء الطالع .انتهي وقال الطاهر ابن عاشور في التحرير التنوير وهو تفسير ممتاز انصحك به : وَهَذَا الْوَصْفُ الْعَجِيبُ مِنْ مُعْجِزَاتِ الْقُرْآنِ الْعِلْمِيَّةِ، إِذْ هُوَ وَصْفٌ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ يَوْمَئِذٍ أَنْ يَعْرِفَ دَقَائِقَ تَكْوِينِهِ، وَلَا أَنْ يَأْتِيَ عَلَى وَصْفِهِ بِمَا لَوْ وَصَفَ بِهِ الْعَالِمُ الطَّبِيعِيُّ لَمْ يَصِفْهُ بِأَوْجَزَ مِنْ هَذَا وَأَجْمَعِ. وَإِفْرَادُ ضَمِيرِ الْأَنْعَامِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{ مِمَّا فِي بُطُونِهِ} مُرَاعَاةً لِكَوْنِ اللَّفْظِ مُفْرَدًا لِأَنَّ اسْمَ الْجَمْعِ لَفْظٌ مُفْرَدٌ، إِذْ لَيْسَ مِنْ صِيَغِ الْجُمُوعِ، فَقَدْ يُرَاعَى اللَّفْظُ فَيَأْتِي ضَمِيرُهُ مُفْرَدًا، وَقَدْ يُرَاعَى مَعْنَاهُ فَيُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الْجُمُوعِ، كَمَا فِي آيَةِ سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ [21] {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها}. انتهي وكما تري الحيرة في تفسير الأمر ومع ذلك وجدت للنيسابوري في غرائب القرآن ورغائب الفرقان كلام طيب قال: ثم استدل بعجائب أحوال الحيوانات قائلا: وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ وفي سورة المؤمنين: مِمَّا فِي بُطُونِها [الآية: 21] فذكر النحويون أن الأنعام من جملة الكلمات التي لفظها مفرد ومعناها جمع كالرهط والقوم والنعم. فجاز تذكيره حملا على اللفظ وتأنيثه حملا على المعنى. قال المبرد: هذا شائع في القرآن قال تعالى: فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي [الأنعام: 78] بمعنى هذا الشيء الطالع. وقال: كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ [عبس: 11] أي ذكر هذا الشيء. وعند سيبويه الأنعام من الأسماء المفردة الواردة على أفعال. وجوّز في الكشاف أن يكون تأنيثه على أنه تكسير نعم. وقيل: إن الأنعام بمعنى النعم لأن الألف واللام تلحق الآحاد بالجمع والجمع بالآحاد. قلت: ما ذكره الأئمة حسن إلا أنه لا يقع جوابا عن التخصيص. ولعل السر فيه أن الضمير في هذه السورة يعود إلى البعض وهو الإناث، لأن اللبن لا يكون للكل فالتقدير: وإن لكم في بعض الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه، وأما في «المؤمنين» فإنه لما عطف عليه ما يعود على الكل ولا يقتصر على البعض وهو قوله: وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ وَعَلَيْها [المؤمنون: 22] لم يتحمل أن يكون المراد به البعض فأنث ليكون نصا على أن المراد بها الكل. انتهي(4/-278277) قلت (سيد مبارك)ويؤيد هذا الاتجاه بعض الأفاضل من أهل التخصص في تربية النحل في بحث قيم قرأته له جاء فيه: يعد النحل مجتمع أنثوي بدرجة كبيرة فتتكون طائفة النحل من الملكة (أو أم النحل) وهي الأنثى الوحيدة الخصبة في طائفة النحل ، والشغالات تعد إناثا عقيمة ضامرة الجهاز التناسلي وهي تقوم بكل الأعمال اللازمة فهي ترعى الملكة وتلعقها وتنظفها وتحميها وتغذيها بالغذاء الملكي من غدد تفرزها من رؤوسها كما تعمل على حراسة الطائفة وقتال أعداء النحل وتعمل على جمع الماء والرحيق وحبوب اللقاح وتقوم ببناء الأقراص الشمعية التي تربي فيها الحضنة وتخزن فيها العسل وحبوب اللقاح كما ترعى الحضنة وتغذيها وتلطف جو الخلية يالتهوية بالأجنحة ... ألخ ،
أما الذكور فلا مهمة لها على الإطلاق سوى تلقيح العذراء لتصبح ملكة شابة ولا تتزاوج الملكة بعد ذلك مطلقا وتظل طوال حياتها (حوالي 4 سنوات) تضع بيضا مخصبا حيث تخزن الحيونات المنوية في حويصلة خاصة وتخرج حيوان منوي واحد لكل بيضة تضعها ثم قال: الفرق بين الذكر والشغالة العقيمة هو أن الذكر ينتج من بيضة غير مخصبة بينما تنتج الشغالات والعذارى من بيض مخصب. فعندما ترغب الشغالات في تغيير الملكة (لكبر عمرها وقلة وضع البيض) أو عند الرغبة في الهجرة من المنطقة (التطريد) تقوم ببناء عيون سداسية شمعية واسعة وعندما تدخل الملكة مؤخرتها في هذه العيون الواسعة لتضع بها البيضة لا تضطر إلى ضغط بطنها فلا يخرج حيوان منوى من حويصلة التخزين لتلقيح تلك البيضة. وأضاف معلومة طيبة: ومن الجدير بالذكر أن الشغالات تمتص الرحيق من الزهور وتضعه في حوصلة خاصة في صدرها هذه الحوصلة غير متصلة بالجهاز الهضمي وتفرز عليه بعض الخمائر ثم تضعه عن طريق الفم في العيون السداسية فليس العسل هو براز النحل كما يظن بعض الناس ولا يخرج من شرج النحل بل من فمه وقد أدرك الناس هذه الحقيقة البسيطة منذ القدم فيقول الإمام الشافعي عن العسل الذي هو خير شراب الدنيا (بزقة ذبابة) تقليلا من شأن الدنيا ، والغريب أن كثير من الناس لا تدرك هذه الحقيقة القديمة. وتقسيم جوف النحلة إلى صدر وبطن هو أمر مستحدث وكلمة بطن تطلق في العربية على تجويف أو قاع أي شئ فنقول بطن الضريح أو بطن البئر. فهذا كتاب ربنا معجزة الإسلام لا يخلق من كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه. انتهي وبعد كل هذا البيان أظنك أدركت لا فرق بين الآيتين في التذكير والتأنيث ولقد جاءت مرة بالتذكير ومرة أخري بالتأنيث ليكون نصا على أن المراد بها الكل كما ذكر النيسابوري في غرائب القرآن. هذا والله أعلم وأحكم