بداية الطريق للفلاح
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي المبعوث رحمة للعالمين وبعد..
أختاه..مجاهدة الشيطان هو بداية الطريق في أصلاح عيوبك وعودتك لطريق الحق والرشاد لماذ1؟
لأنه العدو التي لا تنتهي عداوته دوماً..
كما أنه يجري في ابن آدم مجري الدم ..
وكل عداوة تقف في طريقك في دنيا الناس أمرها هين وسوف تنتهي وتزول ولو بعد حين إلا عداوة الشيطان!!
فقد قال لعنة الله عليه ما أخبرنا الله في كتابه الكريم :
(قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) - ص
والسؤال كيف يحبك الله تعالي ويستقيم أمرك وأمامك عقبة الشيطان الذي لا يفتر ولا ينام؟
الجواب بمحاربته ومجاهدته بكافة الوسائل الشرعية وهو أمر صعب وشاق ولكن ليس مستحيلاً وبالإصرار والعزيمة والإرادة القوية مع اليقين بالله والأيمان به سبحانه وتعالي وحسن التوكل عليه سوف تتغلبين عليه وتردين كيده وتلبيسه.
وأكرر دوماً أن مجاهدته ورد كيده في متناول يديك ودليل ذلك قوله تعالي:
" إنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً (76) "-النساء
وقوله تعالي : " إنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَذِينَ آمَنُوا وعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ والَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ (100) "النحل
ومن هاتين الآيتين الكريمتين يتبين لك أن الشيطان عاجزاً تماماً من النيل منك شريطة أن تكوني علي طاعة الله وأمره.
-وقد روي أن رجلاً قال للحسن البصري : أينام إبليس ؟ قال : لو نام لوجدنا راحة.
ومن ثم فأن السبيل الوحيد للنجاة من كيده وتلبيسه لك هو سؤال نفسك هذا السؤال ..
هل ما سوف أقوم به أو أفعله الآن يوافق تعاليم الشرع أم لا ؟
بمعني هل له أصل في القرآن والسنة أم أنه من الهوي وتلبيس إبليس ؟
وذلك قبل الشروع في أي عمل أو قول وهذه المحاسبة والمراقبة للنفس لابد منها دوماً.
فأن كان الجواب: نعم يوافق الشرع وتعاليمه فأمضي فيه علي بركة الله تعالي , وأن كان الجواب لا يوافق فهو إذن من نفسك الأمارة بالسوء والشيطان.
وهنا لا تترددي البتة ولا تأخذك الحيرة في تركه وإهماله وكوني علي ثقة أن أتباع تلبيسه دون سند شرعي هو انحراف عن الطريق المستقيم وبداية النهاية ما لم يرحمك الله وييسر لك سبل الهداية والنجاة .
ولقد حذرك الله من ذلك فقال جل شأنه :" يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ومَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ والْمُنكَرِ ولَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ورَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً ولَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ واللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21) "النور
- قال ابن القيم في - كتابه إغاثة اللهفان من مكائد الشيطان -(1/82) -ما مختصره:
ومحاسبة النفس نوعان : نوع قبل العمل ونوع بعده فأما النوع
الأول : فهو أن يقف عند أول همه وإرادته ولا يبادر بالعمل حتى يتبين له رجحانه على تركه
قال الحسن رحمه الله : رحم الله عبدا وقف عند همه فإن كان لله مضى وإن كان لغيره تأخر.
ثم أضاف- رحمه الله:- فإن كان الثاني لم يقدم عليه وإن أفضى به إلى مطلوبه لئلا تعتاد النفس الشرك ويخف عليها العمل لغير الله فبقدر ما يخف عليها ذلك يثقل عليها العمل لله تعالى حتى يصير أثقل شيء عليها وإن كان الأول وقف وقفة أخرى ونظر : هل هو معان عليه وله أعوان يساعدونه وينصرونه إذا كان العمل محتاجا إلى ذلك أم لا فإن لم يكن له أعوان أمسك عنه كما أمسك النبي صلى الله عليه وسلم عن الجهاد بمكة حتى صار له شوكة وأنصار. اهـ
أختاه .. بعد كل هذا البيان عن الشيطان و تلبيسه يتبن لك أهمية إدراكك للواقع الذي تعيشين فيه وتكييف نفسك وحياتك علي الكتاب والسنة لا العكس حتي يكون في استطاعتك مجاهدته وتكوني بأذن الله تعالي ممن يحبهن الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ومن السائرين في قافلة الفلاح والاستقامة.
فأن اصابت كلماتي هذه صميم قلبك وزادة من عزيمتك وحبك للقرب من الله تعالي للمضي قدما بلا ذرة تردد واحدة في طريق الاستقامة فسوف نلتقي هنا لبيان ما يجب عمله ليرضي الله عنك ويرد كيد الشيطان في نحره والله المستعان
وكتبه الفقير إلي عفو ربه/ سيد مبارك