سؤال رقم/358
سؤال من أخت فاضلة:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤال لحضرتك فضيلة الشيخ الفاضل سيد سيد مبارك زادك الله علما وفهما
منذ فترة طويلة وطلب مني طبيب النظر بألا ارتدي النقاب لأنه يؤذي النظر عندي مع العلم بأني لا أخرج الا في أوقات قليلة جدا
وأنا لم أفعل فكلما قررت أن اخلعه وأخرج بدونه لا أقدر وارجع مرة ثانية وارتديه لا أرى نفسي بدونه فماذا أفعل بالله عليك تجيب على استفساري ؟
واختي الصغيرة أيضا لها نفس السؤال طلب منها طبيب القلب الا ترتديه لأنها تشكو من ضيق التنفس إذا ارتدته مدة طويلة لوجودها خارج البيت أو في بيت أهل زوجها ويطول ارتداءه بطول وجودها عندهم؟
الجواب:
أختنا الفاضلة زادك الله حرصاً علي طاعة الله فما زالت النساء تلبس النقاب أوالخمار ولم نر منهن شكاوى أو ضجراً منه إلا من الجأتها الضرورة للشكوي وكما هو معروف أننا نرجح وجوب تغطية وجه المرأة بالنقاب لقوله تعالى:{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ -{الأحزاب:59.
ولحديث عائشة -رضي الله عنها-" كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه." وغير ذلك من الأدلة
فيما نشرناه علي صفحتنا دفاعاً عنه وهذا هو الصواب وهو فرض في قول الأمام احمد وكذلك عند باقي الأئمة عند الفتنة وهي في عصرنا تموج كموج البحر العاصف كما لا يخفي .
وقطعاً ديننا يسر والله لا يفرض علي المسلمة ما فيه مشقة وضرر فلا ضرر ولا ضرار ولذلك يسر لنا في حالة الضرورة المتيقنة وليست المتوهمة وهي هنا الضرر الناشيء بقول طبيب ثقة أو أكثر من طبيب بضرر النقاب علي النظر أو القلب أو ما أشبه ذلك
السؤال الذي يطرحه نفسه هو؟
ما هي ضوابطُ الضرورةِ التي تُبيحُ المحظورَ؟ يقول الشيخ العلامة الجزائري الشيخ فركوس –حفظه الله-
فالضرورةُ هي الحالةُ التي تَطْرَأُ على العبد مِنَ الخطر والمَشَقَّةِ الشديدةِ بحيث يخاف حدوثَ ضَرَرٍ أو أذًى يَلْحَقُ بنفسه أو بعُضْوٍ مِنْ أعضائه أو بعِرْضه أو بعقله أو بمالِه، أي: إذا لم تُرَاعَ خِيفَ أَنْ تضيع مَصالِحُه الضروريةُ؛ لأنَّ الضرورةَ ذاتُ صِلَةٍ مُباشِرةٍ بالضرر الذي الأصلُ فيه التحريمُ؛ فيجوز للمضطرِّ الإقدامُ على الممنوع ـ شرعًا ـ كارتكاب الحرام أو تركِ واجبٍ أو تأخيرِه عن وقته؛ دفعًا للضرر عنه في غالِبِ ظنِّه، ضِمْنَ قُيُودِ الشرع وضوابِطِه الآتيةِ البيان، ويسقط عنه الإثمُ في حقِّ الله سبحانه دفعًا للحرج عنه، ولكِنْ يبقى تعويضُ حقِّ غيره على ما لَحِقَهم مِنْ ضررٍ قائمًا؛ رفعًا للحرج عنهم.انتهي
ونضيف لكن ينبغي اختنا التنبيه في حالتك هذه أنت أو أختك أن تكون الضرورة متيقنة وليس مجرد احتمال أو توهم من الأطباء وأن يكون السبب هو النقاب نفسه وليس شيء أخر.
وأمر أخير أن لا تكون هناك وسيلة أخري لرفع هذا الضرر فبعض المنتقبات قد تزيد في تغطية الوجه أو تشده شداً علي وجهها مما يضرها فلك أن استطاعت أختك تخفيف النقاب ولو بقطع وشق بعض الثقوب قرب الفم ولا يضرك نظرات الناس ولا تكشف وجهها كله ولتجد وسيلة فتقوي الله هي الغاية وذلك بقدر ما يجعل تنفسها صحيحاً ولا يسبب ضرر فهذا حد للضرورة كما أنه حل شرعي لا يمنعها من الخروج بالنقاب وهو عملا بقوله تعالي (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ ۗ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16))-التغابن
وقال أهل العلم الافاضل: وبعض النساء تشد النقاب حول وجهها بعنف وشدة وهو ما يسبب لها ضيقاً في التنفس ، والحل في مثل هذا أن تخفف من شد نقابها حتى يسهل عليها التنفس براحة ويسر .
ويحسن بك أن تراجعي من هو أكثر خبرة في الطب من الطبيبة التي تراجعين عندها فلعلهم يتوصلون إلى ما لم تصل إليه من وسائل تلافي ضيق التنفس ، فإن تعذر التلافي بكل الوسائل – وهذا بعيد إن شاء الله ، فإن دفع الضرر في هذه الحالة يقدر بقدره فلا يكشف كل الوجه من أجل التنفس ، بل يمكن جعل جزء النقاب المغطي لفتحة الأنف خفيفاً بقدر ما يسمح بسهولة التنفس – ولو احتاج إلى أن يكون أخف مما يجب في الأحوال المعتادة . انتهي
وبالنسبة لحالة النظر وضعفه فلا أدري علاقة النقاب به كما أن عمليات تقوية النظر صارت ميسرة لأعادته كما كان ولكن أن كان يضر العين نفسها وليس مجرد النظر فهو نفس ما ذكرناه هنا عن الضرورة المتيقنة وأنت أدري بها من الأطباء أن شعرت بضعف أو ضرر في عينيك وأن وجدتي وسيلة كتوسيع النقاب ولا يلامس العين و لا يعيق النظر فهو الأفضل فأن تأكد الخطر علي العين بسبب النقاب فلا يبيح لك ارتداء النقاب ، ولا حرج عليك في خلعه، وإن لم تقدر على ارتداءه ولو بتغطية وجهك بشيء خفيف دون شد بأي وسيلة لا تضرك، فأن لم ينفع فلا حرج عليك في كشف وجهك، ولكن ينبغي الخروج من البيت على قدر الحاجة.
وأكرر أن ثبت الضرر و لم ينفع هذا إلا بخلعه فليكن للضرورة والله حسيبك ويعلم سريرتك وعلانيتك ويجزيك علي قدر نيتك كل خير وكما قلت أن الله تعالي لا يأمر بما فيه ضرر على عباده ، وشريعة الله تعالى حكيمة وأحكامه فيها من التيسير الكثير فهو دين رحمة وليس دين تعذيب ، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، فكما هو معلوم من عجر عن الصلاة قائما فإنه يصلي قاعداً ، ومن عجز عن الصوم – لكبر سنه أو لمرضه المزمن - فإنه يفطر ويطعم والرخص نحو هذا كثيرة ، فالمشقة تجلب التيسير،وانبهك أنتِ أو اختك أو أي أختاً لها نفس الاعذار والضرورة أن وجدتن خطورة علي النفس أو المال أو الدين أو العقل أو العرض وهي الضروريات الخمس في مسألة ارتداء النقاب أو غيره أن تعلمن أن الترخيص مقيد بالضرر فأن زال الضرر عاد التحريم لأصله فلا يجوز لها كشف وجهها للقاعدة الفقهية المعلومة "إِذَا زَالَ الخَطَرُ عَادَ الحَظْرُ"
هذا والله أعلم وأحكم
الأربعاء 3 يناير 2024 - 10:29 من طرف هند دويدار
موضوع: طلب مني طبيب النظر بألا ارتدي النقاب لأنه يؤذي النظر 
