هل مقولة "أن كيدكن عظيم" تنطبق علي كل النساء؟طرح بعض الأحبة منشور بعدم صحة هذه المقولة وانطباقها علي كل النساء علي اطلاقه وأننا نؤيد هذا القول فهو الصواب، وأنها لا تنطبق علي كل نساء الأمة وقد وردت في القرآن في موقف معين لنسوة غرتهن الحياة الدنيا كما نفهم من سورة يوسف -عليه السلام ومن العجيب من لايفقه شيئا في الدين يربط بين كيد المرأة وكيد الشيطان ويستشهد كثيراً ما نسمع البعض ممن يصفون النساء بأن كيدهن أقوى من كيد الشيطان !! وهذه مغالطة مكشوفة.
ويستدل بقوله تعالى : { إن كيدكن عظيم } ( سورة يوسف _ آية 28 )
مقابل قوله تعالى { إن كيد الشيطان كان ضعيفا } ( سورة النساء _ آية 76 )
ولنفهم المسألة لابد ان ندرك المقصود بالكيد في اللغة يقول ابن منظور: والكَيْدُ الاحتيالُ والاجتهاد.
ولقد انتشرت مقوله أن كيد النساء عظيم دون النظر بعين الاعتبار إلي سياق الآيات التي ورد فيها اتهام النساء بالكيد وأننا ننبه أن الآية الكريمة ( إن كيدكن عظيم ) ليست في مقام التشريع ، ولا تحمل حكما شرعيا علي الأطلاق بل هي واقعة معينة
وكذلك لا نقول هي تخصنا فشرع من قبلنا ليس شرع لنا بل ننظر للسياق ونفهم هل فيها حكم شرغي لنأخذ به بمعني هل يؤيده تعاليم الكتاب والسنة أم لا وهو هنا منعدم فالكتاب والسنة تجعل المرأة مكرمة معززة وحث الني علي الوصية بهن فكيف نصفها بصفات تعم جميع النساء بالكيد والاحتيال.
قال علمائنا: أن قول عزيز مصر ( إن كيدكن عظيم ) ، ليس شرعا ولا عبادة ، ولم يكن هذا "العزيز" صاحب شرع ودين إلهي أصلا.هذا من جهة ومن جهة أخري
نؤيد ما ذهب إليه أهل الفضل من العلماء بقولهم:أن قول عزيز مصر : ( إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم )، ورد في سياق القصص القرآني من غير نكير ولا إبطال ، وهو كلام مقبول في نفسه ، لكن في سياقه الخاص ، بمعنى أنه كان خطابا لنساء معينات حاضرات ، فوجه الكلام إليهن ، باعتبار ما فعلن وقلن ، فقال العزيز لهؤلاء النسوة : ( إن كيدكن عظيم ) ؛ نظرا لما فعلته امرأة العزيز من الحيلة للتخلص من فضيحتها ومعصيتها .
وهكذا يكون حال كل امرأة ، تحتال لتقلب الحق باطلا ، أو الباطل حقا ، فتتوسل بالحيلة والكيد ، لتغيير الحقائق ، وتعويض ما جبلت عليه من ضعف النفس .انتهي كلامهم.
إذاً فالنسوة في سورة يوسف لم يكن قدوة لنساء العالمين لكي نسحب كيدهن وسوء صنيعهن ونعممه على كل نساء الأمة دون بينة أو شرع.!
ولتقريب الكلام اكثر نفترض جدلاً أن زوجة ما سيئة في عشرتها مع زوجها وأخذت تكيد له حتي خدعته بحيلة ما لتحقيق غاية لها فلما علم الحقيقة وكشف أمرها قال لها أنت امرأة سيئة وشريرة.
والسؤال هنا هل ينطبق قوله هذا علي كل زوجة ؟
هل تصير كل امرأة متزوجة زوجة سيئة وشريرة اليس هذا قلب للحقائق واللعب بالكلمات واتهامات بل بينة لايؤيدها شرعنا وتعاليمه السمحة فالواقعة لا تحمل تشريعا ليطبق علي كل نساء الأمة ومنهن عفيفات ملتزمات محبات لأزواجهن وقطعاً كما لايخفي علي العقلاء ليس في هذا دليل على أن جميع نساء العالمين : كيدهن عظيم ، وقد يقول البعض ولكن ثبت في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنكن لأنتن صواحب يوسف)" والمراد: أنهنَّ مثل صواحب يوسف في إظهار خلاف ما في الباطن وليس الكيد بالاحتيال.
ونضيف جواباً لهذا الاعتراض ونرد عليه من كلام ابن حجر العسقلاني – رحمه الله في شرحه للحديث في فتح الباري قال: حديث الرسول عليه وعلى ازواجه وذريته الصلاة والسلام ( فإنكن صواحب يوسف .. ) الحديث
وَالْمُرَاد أَنَّهُنَّ مِثْلُ صَوَاحِب يُوسُف فِي إِظْهَار خِلَاف مَا فِي الْبَاطِن.
وَوَجْه الْمُشَابَهَة بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ أَنَّ زُلَيْخَا اِسْتَدْعَتْ النِّسْوَة وَأَظْهَرَتْ لَهُنَّ الْإِكْرَام بِالضِّيَافَةِ وَمُرَادُهَا زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ أَنْ يَنْظُرْنَ إِلَى حُسْن يُوسُف وَيَعْذُرْنَهَا فِي مَحَبَّته ,
وَأَنَّ أم المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها أَظْهَرَتْ أَنَّ سَبَب إِرَادَتهَا صَرْف الْإِمَامَة عَنْ أَبِيهَا كَوْنه لَا يُسْمِعُ الْمَأْمُومِينَ الْقِرَاءَة لِبُكَائِهِ , وَمُرَادهَا زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ أَنْ لَا يَتَشَاءَم النَّاس بِهِ . وَقَدْ صَرَّحَتْ هِيَ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَتْ في صحيح الامام مسلم "انتهي كلامه
قلت: أنا سيد مبارك :وليس الكيد من أخلاق المؤمنات العفيفات فما بالنا بأمهات المؤمنين رضي الله عنهن أجمعين ، نسأل الله أن يرزقنا التوفيق والسداد فيما نقول وما نعمل وأن يرزقنا البصيرة لفهم كتابه والعمل بسنة رسوله-صلي الله عليه وسلم- كما يحب ويرضي أنه ولي ذلك والقادر عليه
وكتبه/ سيد مبارك