وصيتي للنساء
الحجاب قبل الممات والتوبة قبل فوات الأوان
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي النبي الأمين –صلي الله عليه وسلم وبعد..
أختاه .. الحجاب قبل الممات..والتوبة قبل فوات الأوان وابداً لن يتركك الشيطان بتلبيسه وكيده وسيظل اللعين يدعوكِ للتشكيك في الحجاب ولتسويف التوبة ويتمني ألا تفيقي من غفلتك حتي الموت.
فهل هذا ما تريدينه لنفسك ؟!
فما هي حجتك أذن في التسويف ..أذكر لك هنا ثلاثة منها وأنتِ أدري بحقيقة نفسك.
- قد تكون حجتك أريد أن أتوب ولكن الناس لا ترحم ، ولا يسامح بعضهم بعضا ،وطغت المصالح الشخصية والأطماع الخاصة علي القيم والمبادئ وحب الخير والتكافل بين الناس ، ومن لم يتعامل مع الناس بشدة وغلظة وسوء ظن فلا ناقة له ولا جمل وسوف يضيع حقه ، ومعاملة الناس بالحب وحسن الظن بهم وقبول معذرتهم كلها عوامل ضعف في الشخصية ،ومثل هذا الإنسان سوف يفترسه الناس ويطمعوا فيه ، ويتعرض لسخريتهم وتهكمهم.. ومن الذي يحميني منهم أن لم أكن مثلهم غليظة القلب وسيئة الظن بهم؟ .
ومن ثم لابد كي أعيش أن أفكر بنفس الطريقة التي يفكر بها الناس ، وأعاملهم كما يعاملوني بلا شفقة أو رحمة و إلا كنت تابعه لهم ،ذليلة أرادتهم وحقدهم ...الخ
فكيف أتوب بعد ذلك ؟!!!
- وقد تكون حجتك أنا أريد أن أتوب ولكن ..العصر قد أختلف وتغير ، وبالتالي طغت الماديات علي حياتنا ، وصار الدين مجرد طقوس بين العبد وربه، ، وانتشرت الإباحية في كل مكان حتي داخل البيوت عن طريق جهاز التلفاز وأطباق الدش ،وفي الجملة انتشر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ، وأمام كل هذه الفتن والمصائب و..و.. !!
كيف أتوب بعد كل هذا؟
-وقد تكون حجتك أريد أن أتوب ولكن أسرتي غير ملتزمة دينياً ، الدين عندها مجرد طقوس وعادات ، وليس عبادة لله تعالي .
وأن حاولت أن أرتدي الحجاب الشرعي. أتهموني بالتخلف وأتباع مشايخ التطرف، وقلة العقل، ونظروا لي بخوف ومنعوني عن الخروج والذهاب للمسجد بحجة حمايتي من غسيل المخ الذي أتعرض له أن استمعت إلي دروس العلماء و منعوني من مصروفي الخاص حتي لا أنفقه في شراء الشرائط واسطوانات ال cd أو غير ذلك وما أشبهه فماذا أفعل ، أتمرد وأنكر جميلهم ، أم أفر بديني وأترك لهم جرحاً وعاراً قد لا يمحوه حُسن نيتي .. فكيف أتوب؟
أختاه...
ورب الكعبة كل هذه الحجج لا أساس لها من الشرع وطبيعي أن الناس لن تتفق أهوائهم، كما أن التسامح والمحبة وإنكار الذات من أجلهم لن تصل أبدا للحالة التي كان عليها الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ، وهم خير قرون الإسلام علي الإطلاق بدليل حديث عمران بن حصين قال:
(قال النبي صلى الله عليه وسلم : خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم قال عمران لا أدري ذكر ثنتين أو ثلاثا بعد قرنه ثم يجيء قوم ينذرون ولا يفون ويخونون ولا يؤتمنون ويشهدون ولا يستشهدون ويظهر فيهم السمن ) أخرجه البخاري في الإيمان ح/6201
ومن ثم نستطيع القول بكل يقين وحياد إنه ليس منكن معشر النساء ولن تكون منكن من لها أيمان وورع عائشة زوج النبي –صلي الله عليه وسلم- أو إخلاص أختها أسماء ذات الناطقين، أو شجاعة أم سليم وغيرهن من الصحابيات الجليلات – رضي الله عنهن أجمعين، الذين قال الله تعالي فيهم أجمعين: (والسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ والأَنصَارِ والَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ورَضُوا عَنْهُ وأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ (100-التوبة)
ومن ثم فلترضي أختي الفاضلة بما أنتِ عليه في زمانك هذا دون التفريط في حق الله عليك ، وعليكِ بتكييف حياتك علي الكتاب والسنة لا العكس ،فالدنيا دار بلاء لا دار جزاء .. دار عمل لا دار راحة وسكينة.
ولابد من البلاء والامتحان لإقامة الحجة عليك يوم القيامة ، وبيان الشاكرة لله من الجاحدة ، والمخلصة له في قولها وعملها من المنافقة التي تبتغي مرضاة الناس للناس.
قال تعالي ) أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ ولَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ والضَّرَّاءُ ..) (214) ) البقرة
أختاه.
قال الألباني في "حجاب المرأة المسلمة "(1) ص/37- ما نصه:
إذا تتبعنا الآيات القرآنية والسنة المحمدية والآثار السلفية في هذا الموضوع الهام قد بين لنا أن المرأة إذا خرجت من دارها وجب عليها أن تستر جميع بدنها وأن لا تظهر شيئا من زينتها حاشا وجهها وكفيها( ) - إن شاءت - بأي نوع أو زي من اللباس ما وجدت فيه الشروط الآتية
1- أ ستيعاب جميع البدن إلا ما استثني .
2-أن لا يكون زينة في نفسه .
3- أن يكون صفيقا لا يشف .
4- أن يكون فضفاضا غير ضيق .
5- أن لا يكون مبخرا مطيبا .
6- أن لا يشبه لباس الرجل .
7- أن لا يشبه لباس الكافرات .
8- أن لا يكون لباس شهرة .
أختاه...
وبعد أن وضحنا الشروط الشرعية للحجاب نذكرك أنه ليس للحجاب كتالوج باللون أو الشكل أو المقاس ، وإنما هي شروط شرعية يجب أن تتوفر فيه ، فإن خالف الحجاب شرطاً من هذه الشروط فلا يكون عندئذ حجاباً .
وبناء علي ذلك لا يكون حجاباً أشارب تغطي به المرأة رأسها وعنقها ولا يواري شعرها الذي يظهر من تحته ، أو يواريه ولكنها تضع على وجهها المكياج الصارخ فضلا عما تكشفه من بدنها ، ولا يكون حجاباً خماراً لا يضرب على فتحته الجيب ، أو يشد على الصدر على حسب الموضة السارية فيصف حجمه فيكون زينة في نفسه وشكله ….
ولا يكون حجاباً بستر المرأة للرأس والعنق وفتحة الجيب ثم هي ترتدي بنطلون أو جيبه قصيرة لا تستر ساقها ،أو ضيقة مع عمل فتحة تكشف و تصف حجم الساقين ،أو غير ذلك من الأشكال والأزياء التي يطلق على صحابتها بأنها محجبة !
ومجمل القول أن الحجاب الشرعي الصحيح يجب أن تتوفر فيه الشروط التي ذكرناها وكما فسرها لنا العلماء الثقات وليس حسب خطوط الموضة السارية.
وأخيراً لا نملك إلا أن نذكر نسائنا وبناتنا اللاتي يخالفن هذه الشروط بقوله تعالى :- {وَمَا كَانَ لمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا }( سورة الأحزاب –36).
أختاه..
ربما يكون معك بعض الحق وليس كله في بعض الحجج التي ذكرتها هنا من وجهة نظرة دنيوية وليس تشرعيه..
فالواقع الذي نعيشه يشهد ببعض ذلك ، فقد تشتتت الأمة وضاعت سمتها و شخصيتها ،وصار الدين مجرد شعائر و طقوس ، وأصبحت المبادئ تباع وتشتري لمن يدفع اكثر ، فلا انتماء لمبدأ ولا انتصار لحق ، وإنما المال سيد الموقف وقد مال بالناس عن الحق والصواب إلا من عصمه رب العباد سبحانه .
ولكن رغم كل ذلك هل فات الأوان؟
الجواب .. قطعاً لا. فلا يأس من رحمة الله ، ولابد للشر من نهاية ، ولابد من طلوع الفجر بعد ظلمة الليل، والحلال بين والحرام بين ، والحق أحق أن يتبع وهنا مربط الفرس كما يقولون ..قال تعالي :
( فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ (17) لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الحُسْنَى والَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ومِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الحِسَابِ ومَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وبِئْسَ المِهَادُ (18) –الرعد
ومن ثم فلا مندوحة من أخذ خطوة ايجابية في بيان الحق من الباطل ، والصواب من الخطأ ، والخير من الشر حتي لا يلتبس الأمر عليك ، وتدركِ أين مواضع الخلل فأن للطريق مزالق
خطرة ،والشيطان والنفس الإمارة بالسوء بالمرصاد لكل جهد يراد به تغيير النفس وتحصينها مما تحب من شهوات الدنيا المهلكة .
جاء في أحياء علوم الدين لحامد الغزالي -(4/46) في بيان ما ينبغى أن يبادر إليه التائب إن جرى عليه ذنب إما عن قصد وشهوة غالبة أو عن إلمام بحكم الاتفاق –فقال ما مختصره:
أن الواجب عليه التوبة والندم والاشتغال بالتكفير بحسنة تضاده كما ذكرنا طريقة فإن لم تساعده النفس على العزم على الترك لغلبة الشهوة فقد عجز عن أحد الواجبين فلا ينبغى أن يترك الواجب الثانى وهو أن يدرأ بالحسنة السيئة ليمحوها فيكون ممن خلط عملا صالحا وآخر سيئا فالحسنات المكفرة للسيئات إما بالقلب وإما باللسان وإما بالجوارح ولتكن الحسنة فى محل السيئة وفيما يتعلق بأسبابها.
فأما بالقلب فليكفره بالتضرع إلى الله تعالى فى سؤال المغفرة والعفو ويتذلل تذلل العبد الآبق ويكون ذله بحيث يظهر لسائر العباد وذلك بنقصان كبره فيما بينهم فما للعبد الآبق المذنب وجه للتكبر على سائر العباد وكذلك يضمر بقلبه الخيرات للمسلمين والعزم على الطاعات
وأما باللسان فبالاعتراف بالظلم والاستغفار فيقول رب ظلمت نفسى وعملت سوءا فاغفر لى ذنوبى وكذلك يكثر من ضروب الاستغفار .
وأما بالجوارح فبالطاعات والصدقات وأنواع العبادات .اهـ
أختاه..
فلا غرو أذن أن من تجاهل وسوسة الشيطان وحديث النفس أن خالفا أمر الله تعالي ورسوله ، وأما علاج هذه الحجج فهو في الإيمان والإيمان فقط –وأقصد بالإيمان الإيمان بالله وإنه لا نافع ولا ضار إلا هو سبحانه وتعالي.. وهذا دواء فعال فلو آمن وأيقن الإنسان بأن غيره من المخلوقات لا يملكون لا نفسهم نفعاً ولا ضراً ولا حياة ولا موتاً ولا نشورا ،ما تردد لحظة في السعي في التوبة إلي الله وابتغاء مرضاته طمعاً فيما عنده من الأمن والرحمة والسكينة .
وكتبه/ سيد مبارك
----------------------------
1-الألباني –رحمه الله- من المؤيدين لعدم فرضية النقاب وله في ذلك أدلة واجتهادات وقد وضحناها ورددنا عليها بأقوال العلماء الثقات في مقالة لنا في صفحتنا هنا علي جزئين بعنوان " النقاب بين العلماء والأدعياء " وللمزيد اقرأ كتابي "كشف الغمة في محرمات مشهورة بين الأمة الفصل الثاني".