الحياة عجيبة والموت أعجب
اسكن علي بعد خطوات من الشارع الرئيسي لطريق الواحات الطويل في السادس من أكتوبر وتم عمل طرق أخري جديدة بجواره، وتحويلة للسيارت لمن أراد العودة عكس الطريق للجيزة والهرم يعني كوبري لتغيير الاتجاه للسيارات اتجاه واحد للرجوع
والطريق الجديد قبل التحويلة اياها اتجاه واحد، ودوما انزل بعد التحويلة فلا خوف بمن يأتي من الخلف بالفهلوة المعروفة عند المصريين ليصعد علي كوبري التحويلة للهرم بدل أن يلف ويأتي من الاتجاه الصحيح اختصارا للوقت.
ويوم الحادثة التي شرخت خمسة من الأضلاع وجعلتني عاجزاً عن العمل والاستمرار فيه حتي اليوم وربما نكتفي ونحن علي مشارف الستين، وقبلها بأسابيع كما تعلمون كانت عملية الدعامة للشريان التاجي للقلب مما زاد من العجز ولله الحمد علي كل حال.
وكنت في عودتي انزل من سيارة العمل أمام البيت وبسبب وجود حفر ومطبات في شارع الواحات انزل في أماكن بعيدة عنه لتجنبها لصعوبتها علي، ويوم الحادثة نزلت من سيارة العمل قبل مدخل التحويلة بمسافة طويلة شوية ، وفي بلد لا يلتزم كثيراً من السائقين بالأصول ويخالفون الطريق فيأتوا من عكس الاتجاه للصعود علي التحويلة بدل اللف والدوران والوقت من ذهب كما يقال.
والذي اتذكره أنني قبل أن أمر من الطريق الجديد قبل التحويلة وكما قلت اتجاه واحد.
قلت لنفسي أحدثها انتبه يا شيخ سيد وانظر خلفك من عفاريت الأسفلت وأصحاب الفهلوة والشطارة والمخالفة حتي لا تروح فيها ، واتذكر هذا ولكن....!!!
افقت وفتحت عيني وأنا علي الرصيف طريح علي الأرض !!
وبعضهم يمسك رأسي التي تنزف واستلزمت خمس غرز وسيارة الإسعاف أتت مما يعني أني أحدث نفسي واحذرها وأنا في غيبوبة وليس في عالم الواقع، ولكن قد فات الأوان ولله الحمد علي كل حال
وعندما افقت وحضرت الاسعاف مرت ثلث ساعة علي الأقل فسرعة الإنقاذ والإسعاف عندنا معلومة للقاصي والداني..
والشاهد من القصة المملة التي سردتها عليكم ماذا لو فتحت عيني وافقت وأمامي ملكين من ملائكة ربي؟
يسألوني من ربك ؟ وما دينك ؟ وما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟
ماذا أن فتحت عيني ووجدت نفسي وحيداً لا أنيس ولا جليس في قبري ، ورائحة الموت تحيط بي؟
أين زوجتي؟
أين أولادي؟
أين أحبابي؟
من ينقذني ومن يسترني ولا ملجأ من الله إلا إليه
قد تموت فجأة بحادثة أو مرض وما كورونا ببعيد وغير ذلك من الاسباب
فالموت أقرب إلى أحدكم من شِراك نعله
أمر مرعب تأمل وتدبر يا مؤمن.
ولكنه ممكن الحدوث وما أجمل الاستيقاظ من النوم فتفتح عينيك وتجد أن الله كتب لك عمر ويوماً جديداً إلي حين..
(اللَهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى )-الزمر:42.
فقل الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا؛ وذلك أنَّ النوم يزول معه الإدراكُ والشعور بالواقع، والروح لها أحوال غيبية وقد تموت ولا ترجع
أحبتي... تذكروا قول نبينا" أَكثروا ذِكرَ هاذمِ اللَّذَّات يعني الموتَ"- الترمذي وإسناده صحيح
وصدق من قال :
يانفس توبي فإن المـــــــوت قد حانـا *** واعصي الهوى فالهوى مازال فتانا
أما ترين المنــايا كـــــــــــيف تلقـطنا *** لقـــــطا وتلحـق أخرانـــا بأولانــــا
في كل يــــوم لنـا ميت نشـــــــــــيعه *** نـرى بمصـرعه آثــــار مــــــوتـانا
يانفـس مالي وللأمــــــوال أتـــــركها *** خلفي وأخــــــرج من دنياي عريانا
أبعد ســـــــــنين قـد قضيتها لعبـــــــا *** قد آن تقتصـري قــــد آن قــــد آنا
مابالنـــــــــا نتعامى عن مصـــــائرنا *** ننسـى بغـفلتنا من لـــيس ينــــسانا
نزداد حرصـــــا وهذا الدهر يزجرنا *** كان زاجرنا بالحــــــرص أغرانـا
أين الملوك وأبنـــــــــاء الملوك ومن *** كانت تخـر له الأذقــــــان إذعانــا
صاحت بهم حادثات الدهــــر فانقلبوا *** مســـــتبدلـين من الأوطان أوطـانا
خلوا مدائـن كان العز مفرشــــــــــها *** واستفرشـوا حفرا غبــرا وقيــعانا
باراكضا في ميـادين الـــــهوى مرحا *** ورافلا في ثيـاب الغــــي نشـــوانا
مـضى الزمان وولى العمر فـي لعـب *** يكفيك ما قد مضى قد كان ما كانا
فمن الغباء والموت قريباً منا الظن أن الله خلقنا عبثاً بلا غاية أو هدف , وذلك لا يقوله ألا من فقد رشده وأتبع هواه وتردي .
ومن ثم ندرك منطقياً أنه لابد من البعث والحساب والوقوف بين يدي الله تعالي فانتبهوا ،ومن وجد خيراً فالله الحمد ومن وجد غير ذلك فلا يلوم إلا نفسه.
وكتبه/ سيد مبارك