كتب الشيخ قديما من سنتين مشكلة كل زمان بين الأحبة:
أعدّ الحديث عن الخلاف بين عقيدة أبي الحسن وعقيدة ابن تيمية في هذه الأيام خيانة.
إنّ دار أبي الحسن - العراق - مغصوبة من قبل الروافض بإشراف من الأمريكان، ودار ابن تيمية - الشام - مسلوبة من قبل النصيريّة برعاية من الرّوس، ونحن في مصر أو في الحجاز سواء قد أضعنا معظم ميراث الرجلين الكبيرين، ولا يشفع لنا أنّ البعض منا يرغي ويزبد كلّ ساعة: قال الأشعري أو قال ابن تيميّة!!
فبعض أولئك لا يعرف عن الإمامين العظيمين سوى الاسم، وبعضهم لا يعبأ بشيء من علومهما إلا بالقدر الذي يتمعيش به.
وقد رأينا الفريق الأول يملأ الدنيا ضجيجًا بأنّ أبا الحسن الأشعري صدّغزوات المعتزلة والجبريّة والقدريّة عن قلب الإسلام، وهذا حقّ، فماذا بعد؟ لقد رأينا الإسلام يسبّ منزله ونبيّه والأصحاب والأئمة، فلم يحرك أحد من هؤلاء ساكنًا أو يتفوّه بكلمة رغم أنّ ذلك الفريق يحتل عروش ومناصب البلد وكلمة واحدة من أحدهم تنهي هذا الهراء ! لكنه يضنّ بها؛ إرضاء لأسياده وإبقاء على قرشه ومنفعة كرشه وليذهب أبو الحسن إلى الجحيم!!
وليس الفريق الثاني بأقلّ خسّة من الفريق الأول، فالذين تعوّدناهم عاليي الأصوات، ذوي حناجر في معارك المناظرات؛ لأجل إثبات بعض صفات الذات وغيرها من مسائل عقديّة، مستنصرين في ذلك ومستشهدين بتراث ابن تيمية، ومتخذينه قدوة، زاهين به على من سواهم، قد نكصوا عن صراطه لمّا جاءهم موقف لو شهده ابن تيمية لما تأخر في أن يكون إمام النّاس فيه؛ نصرة للمظلوم، ومجابهة للظالم ورفعًا لراية الحق.
أوَ يرى هؤلاء ابن تيمية كاتبًا ومناظرًا ولا يرونه بطلًا ومجاهدًا؟!
أعرفوه حامل قلم وقرطاس، ولم يسمعوا به يخطب في المعارك بالسيف على أعناق الرقاب؟!
أين زئيرهم على درجات المنابر، ما أخرسه وقد هتكت الأعراض؟!
أين صراخهم في محافل المحاضرات وقاعات الدروس، ما أسكته وقد سلبت الأرض ودنست المقدسات؟!
إنني لا أعد هؤلاء تيميين ولا سلفيين، كما لا أرى أولئك أشعريين ولا ما تريديين، والحق أنّ لله دينًا هو أكمل وأحكم وأسلم مما يتبنّاه هؤلاء وأولئك!
فاللهم إنّي أشهدك أنّي عليه لحريص!