كتب الشيخ علي قناته وصفحته في تلجرام كلام مفيد لطلبة العلم قال-حفظه الله-:
لا يغني كتاب عن كتاب (غالبًا)
في بداية اطلاعي على كتب الفقه وأصوله كنت أحرص على معرفة تاريخ كل كتاب ورصدت من خلال ذلك ظاهرة الاختصار والشرح التي مرت بها كثير من الكتب، فمثلًا - في الأصول - متن "لب الأصول" الذي اختصره العلامة الأنصاري من متن "جمع الجوامع" للتاج السبكي، وشرح اللب: "غاية الوصول" الذي اختصره كذلك من شرح الجمع: "البدر الطالع" للجلال المحلي.
ومثلًا - في الفقه - كتاب "الغاية في اختصار النهاية" الذي اختصره العز بن عبد السلام من كتاب إمام الحرمين الجويني: "نهاية المطلب في دراية المذهب"، وكتابا "روضة الطالبين" و "منهاج الطالبين" اللذين اختصرهما النووي من كتابي الرافعي: "فتح العزيز شرح الوجيز"، و "المحرر" وهذا الأخير تردد أهل العلم فيه فقال بعضهم إنه كذلك مختصر من كتاب للغزالي هو الوجيز أو الخلاصة، وإن كان الحق أنه كتاب مستقل.
رصدت هذه الظاهرة فكانت نفسي تقول لي: وهذه الكتب كلها ما الحاجة إليها طالما كانت اختصارات ولم لا نرجع إلى الأصل فحسب؟
وما كان هذا القول منها إلا جهلا بحقيقة اختصارات الأولين، إنها لم تكن تقليل ألفاظ فقط كما يتبادر من كلمة "اختصار" ومشتقاتها، بل كانت اختصاراتهم تنطوي على أعمال لهم في الكتاب لا يجدها الطالب في الأصل وربما لا يجدها في غيره..
ومن هذه الأعمال:
1- أن مختصر الكتاب يذكر آراءه الخاصة موافقًا ومخالفًا ومفصلًا لرأي صاحب الأصل.
2- أنه يذكر تعقبات على صاحب الأصل.
3- أنه يذكر ما فات الأصل ذكره من توضيحات أو أدلة
4- أنه يضيف ما جادت به القرائح في الأعوام أو القرون التالية للأصل.
5- صياغة نصِّ الأصل صياغةً جديدة.
6- حلّ مُشْكِلِ العبارات التي أوردها الأصل وتسهيلها
7- تحريرُ الأحكام والأقوال، وتهذيب النَّص.
8 - التعديل على ترتيب الأصل إن كان في ترتيبه تعقيد أو إشكال ونحوهما.
وغير ذلك من فوائد المختصرات كالتدقيق والتبديل والتحقيق والترجيح.
أذكر هذا وأثبته حتى لا تقول نفس لصاحبها شيئًا من ذلك فيصدقها ويستمع إليها، فكن على ذكر منه.
وبالله التوفيق.
أحمد الجوهري عبد الجواد