الصلاة وفاتحة الكتاب دعوة للتأمل
الصلاة عماد الدين لا يتركها إلا من لم يعرف ربه وعظمته – وفي الحديث الذي رواه أحمد بأسناد جيد (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا فَقَالَ مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلَا بُرْهَانٌ وَلَا نَجَاةٌ وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ )
-وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ قَالَ الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَا تَرَكْتُ أَسْتَزِيدُهُ إِلَّا إِرْعَاءً عَلَيْهِ ) مسلم ..
ولا يستشعر عظمة الصلاة إلا من هداه الله إلي حبه فليس الصلاة ركوع وسجود ودعاء يقوله العبد وأنما الصلاة أعظم من ذلك ولها مهابة فأنت العبد الذليل وهو الرب الجليل – وتأمل معي فاتحة الكتاب بما فيها من عظمة .. (بِسْمِ اللَّهِ).. نعم أنا في الصلاة أبدا باسمه سبحانه فهو الذي رزقني القدرة لأقف بين يديه فبأسمك يارب أقف بين يديك وأبدأ صلاتي لك أنت ربي وأنا عبدك ..أنا العبد الذليل الفقر والضعيف وانت الرب الجليل العظيم أقف بين يديك وكفا بهذا شرفا وكرامة لي ..(الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ..الرحمن فهو سبحانه رحمن الدنيا يرحم المؤمن والكافر والطائع والفاسق ..والرحيم فلا يرحم إلا المؤمنين الموحدين الشاهدين له بربوبيته وألوهيته (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )الحمد لك يارب لما انعمت به علي به من نعم برحمتك واحسانك فكلها منك بفضلك وكرمك وهي لا تحصي ولا تعد.أنت الذي أنعمت علي بالمال والجاه .. وبالصحة والعافية .. وبالزوجة الصالحة والأبناء البررة (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) يوم القيامة يارب لا ملك إلا لك كلنا فقراء إليك نرجو رحمتك التي وسعت كل شيء . (إِيَّاكَ نَعْبُدُ ) ..إياك أعبد يارب.. أنت ربي أنت خالقي من االتراب ورازقي .. . أنت الذي حسنت خلقي وخُلقي .. ان لم أعبدك لهذا وأنت أحق بالعبادة فمن أعبد يارب؟ .. أعبد صنم من الـأحجار لا يسمع دعائي ولا يفقه شيئا أما مخلوق مثلي لا يملك لنفسه ولا لي نفعا ولا ضرا ولاحياة ولا موتا ولا نشورا..(وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ..فأن لم استعين بك فبمن أستعين؟.. إذا أصاب جسدي الأمراض والابتلاءات وعجز الأطباء عن شفائي فأنت الشافي المعافى،وأن أردت شيئا فإنما تقول له كن فيكون .. وأن ظلمني أنسانا فأنت القائل" وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين" ..وأن كانت زوجتي بعيدة عن طريق الله ..أو كان لي أبنا عاق أو جار سيء أو صديق خان الصداقة فلا ملجأ لي إلا أنت فقلوب عبادك بين يديك ..وعبادتك حق لكل ما ذكرناه وما لم نذكره وخفي عنا لكثرة نعمك وجلال سلطانك وعظمتك (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) .. يارب ممن أطلب الهداية وأنت الهادي إلي صراطك المستقيم الذي لا عوج فيه (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ )..هذا ما أرجوه وأطلبه في ضراعة وأنا بين يديك لاأسألك المال أو الجاه أو شيئا من زينة الحياة الدنيا وإنما صراط من أنعمت عليه برحمتك ورضاك عنه، الصراط السوي الذي يجعل لساني لا يفتر عن ذكرك وشكرك ليس طمعا في جنتك ولا خوفا من نارك ولكن رغبة في رؤية وجهك الكريم سبحانك يوم تجمعنا في جنتك ياحي يا قيوم .. وهكذا أخي المسلم أختي المسلمة علي العبد منا أن يستشعر عظمة الصلاة وفاتحة الكتاب وهو بين يديه والقيام له سبحانه شرف للمؤمن وكان النبي -صلي الله عليه وسلم- يقوم الليل حتي تتورم قدميه ويقول"أفلا أكون عبداً شكورا"..وعليك ألا تفوتك التكبيرة الأولي ففي الحديث ( من صلي اربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولي كتب له براءتان براءة من النار وبراءة من النفاق ) صحيح الجامع
- فقم لله قيام المحب المشتاق للخلوة بمولاه لا قيام الطامع فيما عنده وقل مقالة سيدنا عمر في خلوته " يارب لائذا ببابك..عائذ بجنابك لا تطردني من رحابك"..أما من يسهر أمام شاشة التلفاز أو علي المقاهي فقد صدق فيه قول النبي -صلي الله عليه وسلم- (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَمْ مِنْ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الظَّمَأُ وَكَمْ مِنْ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ )الدرامي
وكتبه/ سيد مبارك