الشيخ سيد مبارك Admin
| موضوع: من اعظم مصائب البيوت الأربعاء 28 مارس 2018 - 14:11 | |
| من اعظم مصائب البيوت الحمد لله رب العالمين وكفي والصلاة والسلام علي من اصطفي وبعد. من أكبر المصائب في دنيا الناس هي المصيبة في الدين فكل المصائب لا تدوم فدوام الحال من المحال . والمصيبة في الدين فهي في صحيفة سيئات أصحابها لا يمحوها إلا توبة ونية مخلصة لله تعالي وعودة صادقة مستقيمة لا يشوبها نفاق ولا انحراف متعمد عن طريق الحق والرشاد ، وهذه المصيبة تصيب حتي البيوت التي يراعي فيها المرء الله في نفسه وأهله وأن شاء الله بالصبر عليها وعلاجها بحكمة سوف يتبدل الحال إلي حسنات ماحية وعسر بعد يسر وسعادة بعد شقاء وهلم جرا أن انتهت علي خير بفضله وكرمه ورحمته-جل في علاه- . وبعد هذه المقدمة التي لا نفهم منها نوع المصيبة في الدين أقول أن من أعظم المصائب في الدين في البيوت التي يحتار فيها الاباء والامهات مع الأبناء وأن كانوا صالحين هو ترك الأولاد للصلاة بعد البلوغ في سن يستحيل فيها التعامل معهم كما كنا نتعامل معهم في صغرهم وطفولتهم. عملا بوصية نبيهم –صلي الله عليه وسلم-" مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عَشْر، وفرقوا بينهم في المضاجع " وترك الأولاد للصلاة بعد الكبر وفي سن الشباب وكثير منهم وصل للمرحلة الثانوية أو الجامعية أمر منتشر فما زرعه الوالدين في قلوب ونفوس أبنائهم من الجنسيين منذ طفولتهم من حب الله ورسوله والترغيب في الحلال والترهيب من الحرام في 15سنة مثلاً لن يصمد أمام تيار الانحراف في مدارسنا وجامعتنا فضلاً عن سوء التعليم وخروجه عن حدود الله وناهيك عن الرفقة السيئة التي تضيع كل هذه السنين في ساعات أو أيام معدودات! يضطر الابن أو الابنة أن يكيف ظروفه ليجاري أصدقائه ممن لا رادع لهم من دين أو تقاليد أصيلة حتي لا يوصف بالشذوذ أو الأنانية فتنهار حواجز الورع في قلبه التي بناها جهد وتضحية الوالدين وتنفجر في قلبه أو قلبها حب التمرد والتحرر كرفقائه ويغرقون في بحر من الفتن يبدأ بالاختلاط والخلوة والبحث عن الزواج من خلف عيون الأهل ولو كان علي الهوي والكلام في السياسة وحب الزعامة والانتماء لنصرة أفكار ضحلة وضارة إلي الدخول في متاهات الفلسفة وانكار وجود الخالق وما هو أسوأ من ذلك إلي الانطواء والتعقد والعزلة والوقوع في براثن الادمان للمخدرات وغير ذلك كثير فلا عجب أن يترك الصلاة وما هو اكثر من ذلك من أمور دينه، والطامة الكبرى عندما يسمع الوالدين كلمات حارقة ومؤلمة وغادرة أياً كان عذر الأبناء فلم يكن يخطر ببالهم قط أن ينطق بها فلذات الأكباد من غير تحفظ أو مبالاة فتهار دموعهم شكوي لرب الأرض والسماء يسألونه بقلب يدمي حزناً أن يرحمهم ويهديهم رغم أنها كلمات حطمت قلوبهم وأحلامهم فيهم وقد حذر الله بأقل منها ترهيباً من العقوق فقال –عز وجل-( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)-الإسراء) ..أقول لم يخطر في نفوس الوالدين لحظة أن كلمات الجحود والعقوق والتبرؤ من كل خلق يتلفظ بها أبنائهم أمامهم وجهاً لوجه بلا حياء بعد تضحياتهم وشقائهم وانكار الذات وسهر الليالي والتعب والكد من أجلهم لتربيتهم وتعليمهم منذ نعومة أظافرهم علي الدين وحب الله ورسوله ..لم يخطر ببالهم قط وقوع هذه الطامة من فلذات أكبادهم الذين وضعوا آمالهم فيهم بعد الله سبحانه وتعالي لرعايتهم واكرامهم واكمال المسيرة عندما يبلغ بهم الكبر عتيا ، لم يخطر لهم وفي اسوء كوابيسهم مثل رد الفعل هذا مهما كان عذرهم ورغبتهم في التحرر ، وعلي الرغم أنهم مازالوا يعيشون بينهم ويشاركونهم الطعام والشراب والسكن ويصرفون عليهم الغالي والنفيس لسعادتهم وراحتهم ، فكيف تستقيم حياتهم وقد صاروا أعداء لهم وعقبة في طريق مستقبلهم كما يظنون وبئس الظن هو وبئس التحرر الذي ينخر في عظام استقرار الأسرة ولقد استفسر عن ذلك كثير من الأخوة والأخوات التي اشهد الله أنهم علي خير والتزام بالدين ولا أزكيهم علي الله. بل لو تأمل كل منا حال أهله واسرته سيجد مثل هذه الكوارث والطامات إلا من رحم ربي، وكثيرا من الأبناء البالغين المراهقين يتركون الصلا ة ويسمعون المؤذن ولا يبالون أمام شاشة التلفاز يشاهدون الأفلام الهابطة وأفلام العنف والجريمة والجنس غير خائفين من الله وغير مبالين بغضب الوالدين أو مندمجين أمام جهاز الكمبيوتر أوعن طريق الهاتف المحمول في حوار علي الخاص في الفيس بوك مع اصدقائهم في كلمات هابطة وشتائم يظنونها مزاح لا يحاسبون عليها و تناسوا قوله تعالي (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36))-الإسراء ،ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم والسؤال الآن ماذا يفعل الوالدين أمام هذه المصيبة وهي ترك أبنائهم للصلاة كسلاً وتهاونا فيها ولا أقول كفراً بها والعياذ بالله رب العالمين فأن قول العلماء بكفر تارك الصلاة لهو ثقيل علي القلب فكيف بأبنائنا وبناتنا ونسائنا وغيرهم ممن ترك الصلاة مع ايمانهم بأنه لا إله إلا الله ..الأمر صعب الهضم وثقيل علي النفس ولا نستريح له وأميل لرأي ابن العثيمين فهو رحمه الله لا يرى أن من ترك صلاة أو صلاتين أنه يكفر ، بل الضابط عنده في الذي يكفر بترك الصلاة : هو أن يترك الصلاة بالكلية ، أما الذي يترك الصلاة أحيانا ، فهذا لا يكفر عند ه والمسألة مختلف فيها وما نبهنا عليها هنا إلا لأنها مصيبة ومن أعظم المصائب ولها أحكام فقهية وتشريعية تتبعها لو ثبت كفر صاحبها ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. أحبتي في الله.. نعلم أن الله ورسوله- صلى الله عليه وسلم -وضع المسئولية في رعاية الأبناء -قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم - وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله، وهو مسؤول عن رعيته"؛ متفق عليه، والأم أيضًا داخلة في هذا الأمر في الجملة بحكم رعايتها لأولادها، ففي حديث ابن عمر في رواية أخري:"والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسؤولة عن رعيتها...وكلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته." ولنسمع فتاوي العلماء ونقتصر علي سؤالين في هذا الصدد لنحلل الموقف ونبين طريقة العلاج أن شاء الله: - سؤال :عندي شاب يبلغ من العمر اثنين وعشرين عاماً لكنه لا يحافظ على الصلاة، يحافظ عليها أحياناً إن كان في البيت، وإذا خرج يصاحب أصدقاء لا يصلون فكيف أتعامل معه؟ وبماذا تنصحونني؟ أجاب فضيلة الشيخعبدالعزيز بن عبدالله ابن محمد آل الشيخ فقال:- احتو هذا الابن وحاول التقرّب منه والتودد والجلوس معه لتبدي له نصائحك، وتحذّره من جلساء السوء، وترغّبه في الطاعة وتبيّن له آثارها الطيّبة، وتحذّره من أصدقاء السوء، وتبيّن له النتائج السيئة من صحبتهم وأنهم فئة لا خير فيهم ولا يُرجى منهم خير، مع الدعاء له بالهداية والتوفيق فلعل الله أن يستجيب دعاءك، نسأل الله للجميع التوفيق لما يحبه ويرضاه· سؤال:ماذا أفعل مع بعض أفراد البيت الذين لا يصلون مثل أخي، أو زوجة أخي،أو أخي, أو أخو زوجتي، ماذا أفعل تجاههم إذا لم تنفع فيهم النصيحة؟ أجاب عليه فضيلة الشيخ العلامة ابن باز- رحمه الله فقال ما مختصره: الواجب الاستمرار على النصيحة وأن تنصحهم؛ لأن الصلاة عمود الإسلام من تركها كفر -نعوذ بالله من ذلك- فالواجب أن تنصح لهم وأن تجتهد في ذلك حسب الطاقة، ولا تضعف ولا تدع النصيحة ولعل الله يهديهم بأسبابك، والذي لا يقبل -تابعت النصيحة ولم يقبل- يستحق أن يهجر حتى لا يُسلَّم عليه ولا يرد عليه السلام ولا تقبل دعوته للطعام ولا يُدعى للطعام, يستحق أن يهجر؛ لأن الصلاة عمود الإسلام فمن تركها كفر -نعوذ بالله من ذلك- فالواجب عليك أن تناصحهم وأن تستمر في النصيحة والذي لا يقبل النصيحة ويستمر في باطله يستحق أن يهجر وإذا كنت تستطيع أن تؤدبه لكونه زوجة أو ولد أدبته حتى يستقيم وحتى يصلي وحتى تصلي وتقوم بالواجب, وأما زوجة أخيك أو زوجة أبيك أو نحوهما ممن لا تستطيع تأديبه فهذا على أخيك وعلى أبيك أن يقوم بالواجب على أخيك أن يؤدب زوجته حتى تستقيم وحتى تصلي, وعلى أبيك كذلك وهكذا عمك وهكذا جيرانك تنصحهم وتدعوهم إلى القوة في هذا الأمر والنشاط في هذا الأمر لعل الله يهديهم بأسباب النشاط والقوة والتوجيه والتأديب من الزوج لزوجته، تأديباً ينفعها ويعينها على طاعة الله ولا يسبب خطراً، والله -جل وعلا- أمر بالتعاون على البر والتقوى قال سبحانه: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى (2) سورة المائدة وقال -جل وعلا-: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ (71) سورة التوبة. فهذا من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقال سبحانه: وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (1-3) سورة العصر ِ فالتواصي بالحق والتناصح أمرٌ واجب وأمرٌ لازم، وهكذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمرٌ لازم مع الزوجة مع زوجة الأب مع زوجة الأخ، مع الأخوات مع البنات, لكن من تستطيع تأديبها تؤدبها كالزوجة والبنت والولد تؤدب الجميع أدباً يردعهن يردع الزوجة عن التساهل في الصلاة ويردع الولد ويردع البنت كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مروا أولادكم للصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر). فالأولاد يضربون إذا تخلفوا عن الصلاة وهم أبناء عشر يضربون على ذلك سواءٌ كانوا ذكوراً أو إناثاً؛ لأن هذا مما يعنيهم على طاعة الله ومما يسبب لهم المبادرة إلى الحق، فعلى وليهم أن يأمرهم بذلك ويضرب من بلغ عشراً على ذلك ضرباً غير مبرح، ضرباً يعين على طاعة الله, ضرباً يشجعهم على الخير ولا يكون فيه خطر إلي آخر ماقاله فضيلته.اهـً. http://www.binbaz.org.sa/noor/8094 وهذا الحلول من جهة الشرع أما أهل الطب وعلماء الاجتماع اخترنا منها ما ذكره المستشار: د.أحمد المحمدي رداً علي سؤال: بني عمرهُ سبعةَ عشر سنة، وطولَ عمرهِ يحبُّ صرفَ المال سواء من شغله، أو من ورائنا، والآن يشربُ السَّجائر، وينظرُ إلى الصُّورِ العارية، وشربَ مرةً الخمر، ويحبُّ العملَ في القهوةِ، ولا يُصلي، ولا يسمعُ الكلامَ، هل يعتبرُ حلاً له إذا ربطته فترةً في البيتِ -لمدةِ شهرٍ تقريباً- ولا أجعله يخرج؟ علماً بأنِّي أتمنَّى أن يُصلي ويلتزم فقط. فقال ما مختصره: وبخصوصِ ما تفضلتِ بالحديثِ عنه، فنحبُّ أن نجيبكِ من خلالِ النَّقاط التَّالية: أولاً: ولدكِ الآن في مرحلةِ المراهقة، وهذهِ المرحلةُ تحتاجُ إلى طبيعةٍ خاصةٍ في التَّعامل، ولا تصلحُ الشِّدةُ وحدها في التَّعاطي مع تلك الحالة، ولابدَّ من أمور نذكرها فيما يلي. ثانياً: نحتاجُ إلى وسيطٍ آمن، يحبّهُ ولدكِ ويرتاحُ إليه، ويكونُ على قدرٍ من الثَّقافةِ والتَّدينِ والعقل، على أن يصحبهُ هذا الوسيط، ويُعينهُ على عبورِ تلك المرحلةِ بأمانٍ، ولا يشترطُ في الوسيطِ أن يكونَ واحداً فقط، وإن كان هذا هو الأفضلُ؛ حتى لا يظنُّ الولدُ أنَّ أمرهُ قد فُضح، لكن عند التَّعذرِ يُمكنُ أن تكونَ رفقةً مأمونة. ثالثاً: لابدَّ من تحجيمِ وجوده خارجَ البيتِ إلا لمصلحةٍ تعودُ عليه، وبالنسبةِ للحاسوبِ نرجو أن يكونَ في مكانٍ عامٍّ في البيت. رابعاً: المراهقةُ -أختنا الفاضلة- لا نستطيعُ وأدها، ولابدَّ أن يمرَّ فيها الشَّاب، ولا نستطيعُ منعهُ عنها، ولكن نستطيعُ توجييها لما نريدُ، ولابدَّ من عاملين لتوجيهها: 1- زيادةُ التَّدين: وهذا يمكنُ أن يكونَ عن طريقِ المحاضرات أو الدُّروس أو الأشرطة الوعظية، وخاصةً تذكيرهُ بالموتِ والجنَّةِ والنَّارِ، وعذاب القبر. 2- العلمُ: يجب أن يعلمَ أضرارَ التَّدخين، وأضرارَ مشاهدةِ الصُّور الخليعة على نفسهِ وعلى تدينهِ، فمعرفةُ الأضرارِ عاملٌ قويٌ لصرفهِ عن تلك الآفة. خامساً: الاجتهادُ في تقليلِ أوقاتِ الفراغ له؛ فإنَّ الفراغَ آفةٌ عُظمى، وطريقٌ ممهدٌ للعب الشَّيطان به. سادساً: لابدَّ من ممارسةِ الرِّياضة؛ فهي أمرٌ مهمٌ جداً، ومعينٌ كذلك على تجاوزِ تلك المرحلة. وأخيراً: الدُّعاء له؛ فالدُّعاءُ سهمٌ صائبٌ لا يخيب، وشكرَ اللهُ لك هذا الجهد، وجعله الله في ميزان حسناتك. وبعد فقد. سألني بعض الاحبة في الله بما يعانيه معظم بيوت المسلمين من أبن بالغ مراهق لا يصلي وفتاة بالغة ترفض الحجاب ما الحل وما العلاج وها أنا اجمع بين الرأي الشرعي والعلمي لبيان الحلول الممكنة والله المستعان. ونبدأ ونقول أن الإنسان المؤمن بالله هو الحريص علي رضا ربه وليس رضا الناس وأولادنا من الفتن التي كتبها الله علينا كقوله تعالي (يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9))-المنافقون ويعلم الله أن الكثير منا واقع في هذه الفتنة ويريد بإخلاص منهم الاستقامة ليدوقوا من نفس الثمرة التي ذاقها كل أب وكل أم ووجدوا طعمها وحلاوتها ، ولكن سقط في أيديهم أنهم رغم حرصهم الشديد منذ نعومة اظافرهم علي ترويضهم علي الالتزام ما يلبث أن كبروا وصاروا شباباً وتكون لكل واحد حياته واصحابه ورفقائه الذين يحطمون حاجزاً كان الوالدين كل منهما معهم دوماً ناصحاً رحيما صادقاً في محبتهم ، وبعد كل هذا يظن الواحد منهم أنهما عقبة في حياتهوأمام مستقبله! أقول من واجبنا كأباء وأمهات نحوهم أن ننصحهم ونوجههم أما الضرب والشتم والانفعال فسوف يزيد الأمر سوء ولا يعجبني بعض الفتاوي التي تحرض أن لم تنفع النصيحة تطرده من البيت وما أشبه هذا. فهذا يزيد من ضياعه وتكون مسئولاً أمام الله ولينتبه كل مسئولاً عن رعيته لقوله تعالي عن نوح –عليه السلام- وهو من أولي العزم من الرسل(وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43) –هود وهو ابن نبي تربي في بيت نبي حتي أنه أراد رغم كفره أن ينقذه من باب أنه أب فقال (وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) )ومعروف بقية القصة.. هذه واحدة والثانية في قوله تعالى في سورة الحجر (إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ (60)) قال أهل العلم من فوائد هذه الآية : فإن امرأة لوط عليه السلام كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من أهل العلم: "كانت في الظاهر مع زوجها على دينه وفي الباطن مع قومها على دينهم خائنة لزوجها بدلالتها لهم على أضيافه لا في الفراش فإنه ما بغت امرأة نبي قط، ونكاح الكافرة قد يجوز في بعض الشرائع كما جاز في شريعتنا نكاح بعض الأنواع وهنّ الكتابيات، أما نكاح البغي فهو دياثة وقد صان الله النبي عنها". ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (فَخَانَتَاهُمَا) (التحريم: من الآية10)، قال: والله ما زنتا ولا بغت امرأة نبي قط فقيل له: فما كانت الخيانة؟ فقال: أما امرأة نوح فكانت تخبر أنه مجنون، وأما امرأة لوط فإنها كانت تدل على الضيف. والمقصود أن امرأة لوط لم تكن مؤمنة في الباطن وإن كانت في الظاهر مع زوجها ولعل هذا هو سبب بقائها معه، أما حكمة ذلك فلها أوجه عدة، منها: (1) بيان الله لخلقه أنه ليس بينه وبين أحد من البشر نسب، وأنه كما أخذ أمسَّ الناس صلة بالأنبياء بذنوبهم فقد يأخذ غيرهم بها، ولن يغني عنهم حينها القريب من الله شيئاً. (2) ومنها ابتلاء الله لنبيه لوط عليه السلام في امرأته ليعلي درجته ويرفع منزلته بإيثاره مرضاة الله عليها، كما ابتلى نبيه إبراهيم عليه السلام بأبيه ونوح بابنه وامرأته. (3) تقرير عقيدة البراءة من الكافرين في النفوس ليكون الكافر بغيضاً مبغضاً مهما كانت صلته، أو خدماته التي يقدمها للفرد أو المجتمع. (4) تسلية وتعزية من ابتلي بابن عاق أو قريب مخالف بذل جهده في هدايته، غير أن الله لم يكتبها له. (5) بيان أن كل نفس بما كسبت رهينة، فلا يؤخذ المحسن بجريرة المسيء، ولا يؤاخذ بها مهما بلغ قربه أباً أو أخاً فضلاً عن صديق أو زميل. انتهي كلامهم ومن كلامهم يتبين لك أنه لاتزر وازرة وزر أخري فكل منهم قد بلغ وصار مسئولا عن نفسه من جهة علاقته بالله تعالي ، وأنا أتكلم عن علاقته بالله وليس خروجه عن أوامر الوالدين وطاعتهما فالأب مثلاً في بيته له الحق في التوجيه والإرشاد لأنه رب البيت وله حقوق السمع والطاعة والبر والإحسان منهم أما علاقتهم بالله فيما هم محاسبون عليه من صلاة وحجاب وغير ذلك بفضل الله ورحمته جعل كل نفس بما كسبت رهينة يحاسبها عن أفعالها في دنيا الناس ودار الغرور كما قال تعالي(كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45))-المدثر فما الذي ينبغي علينا أمام أبنائنا البالغين الذين يتمردون ويبارزون رب العباد بالمعاصي وهومن البلاء الذي يرفع الله به الدرجات نسأله بالصبر وحسن التوجيه لعل الله يهديهم. وقطعا ليس بالضرب فلم يضرب نوح ابنه ولم يؤدب لوط زوجته فالذي بيدينا النصيحة والترهيب وما في يدينا من عقاب دنيوي كقطع المصروف أن كان يأخذ مصروفه من البيت إلا ما لابد منه للحركة وليس للترف والفسحة نجعلها بحساب ليشعر مدي حاجته للوالدين وأهمية طاعتهما ورضاهما وما اشبه ذلك كعقاب فضلا عن أمور أخري مثل: 1-الدعاء لهم فإن دعاء الوالدين مفتاح لصلاح الأبناء، وطاعة الله تجلب الفلاح للأولاد والآباء 2-مصاحبته وتشجيعه علي الحوار وعدم توبيخه أمام أصحابه فنحن نتحدث عن فترة شديدة التعقيد لابد أن نشعره بأهميته في البيت بأن يكون مسئولا عن شيء ما . 3- البعد عن الضرب إلا للتأديب دون انفعال وعدم تصغيره أمام الاسرة والقدح فيه بل الجلسة مع الجميع جلسة ود ومحبة ووسيلة لاستمالة القلوب وأقول للوالدين لك كأب ان تشجعهم وتخبرهم بحبك لأن تجلس معهم ساعة لترتيل القرآن بالتناوب والهدف الاندماج لما يلين القلوب أو بدرس علم بسيط ، ولك كأم أن تكوني مصدر الرحمة والتضحية والحنان مهما كانت قسوتهم معك. 4-كل أب وأم يعلموا بما يحبه أبنائهم فلا يبخلوا عليهم كلما فعلوا ما يفرحهم في دينهم من استقامة ومداومة علي الطاعة ولو بأمر هين ينبغي أن يجدوا التشجيع والتساهل في شيء يحبوه كان مرفوضاً منكما مالم يكن في معصية الله ورسوله. 5-الحرص من الأب علي ان يذهب معه أبنائه فيما ينبغي الذهاب وانتظاره كصلاة الجمعة ولا يذهب وحده بل يشجعهم ويخبرهم انه يسعده ذلك فلعل هذا يفتح ويلين له قلوبهم . ومثل تلك الفرص كثيرة وكل أبن وأبنة مسئول علي نفسه فله ما للوالدين وعليه ما عليهما وليس لهما أإلا النصيحة والانفاق وحسن التربية وغير ذلك أما علاقة الأبناء بالله وطاعته والإيمان به فكل نفس بما كسبت رهينة طالما هم بالغين مع اتخاذ الوسائل الشرعية والعملية بما ذكرناه هنا علي سبيل المثال لا الحصر أو بوسائل أخري تؤدي لنفس الهدف بلا إفراط أو تفريط في حق الله تعالي والهداية من الله بفضله وكرمه القائل في كتابه الكريم (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56))-القصص والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل وكتبه/ سيد مبارك
| |
|