موضوع: حرمة لربا بين العلماء والأدعياء الأربعاء 28 مارس 2018 - 20:59
حرمة لربا بين العلماء والأدعياء
إنَّ الحمدَ لله نحمده، ونَستعينه ونستغفِره، ونعوذُ بالله مِن شُرورِ أنفسنا وسيِّئات أعمالِنا، مَن يَهدِه الله فهو المهتدِي، ومَن يُضللْ فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أمَّا بعدُ: فالتعامُل بالرِّبا مِن كبائر الذنوب، وكفَى زجرًا لمن يستحلُّ ذلك قولُ الله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ * وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 278 - 281]. قال صاحب "الظِّلال"[1] في تفسيرِها ما مختصرُه: الوجه الآخَر المقابِل للصَّدَقة، الوجه الكالِح الطالِح هو الرِّبا. الصَّدَقة عطاءٌ وسَماحَة، وطهارةٌ وزَكاة، وتعاونٌ وتكافُل، والربا شُحٌّ، وقَذارة ودَنَس، وأَثَرة وفرديَّة. والصَّدقة نُزولٌ عن المال بلا عِوض ولا ردّ، والرِّبا استرداد للدَّين ومعه زِيادة حرام مُقْتطَعة مِن جهد المدين أو مِن لحمه؛ مِن جهده إنْ كان قدْ عمِل بالمال الذي استدانه فَرَبِح نتيجةً لعمله هو وكَدِّه، ومِن لحمه إنْ كان لم يربحْ أو خسِر، أو كان قدْ أخَذ المال للنفقةِ منه على نفْسِه وأهله ولم يستربحْه شيئًا... ثم قال: ومِن ثَم فهو - الرِّبا - الوجهُ الآخَر المقابل للصَّدَقة، الوجه الكالِح الطالِح!
لهذا عرَضه السياقُ مباشرةً بعدَ عرْض الوجه الطيِّب السَّمح الطاهِر الجميل الودود، عرَضَه عرضًا منفِّرًا، يكشف عمَّا في عملية الرِّبا مِن قُبح وشناعة، ومِن جفاف في القلْب وشرٍّ في المجتمع، وفساد في الأرْض وهَلاك للعِباد. ولم يبلغْ مِن تفظيع أمْرٍ أراد الإسلامُ إبطالَه مِن أمور الجاهلية ما بلَغ مِن تفظيع الرِّبا، ولا بلَغ مِن التهديد في اللفظ والمعنى ما بلَغ التهديد في أمْر الرِّبا - في هذه الآيات وفي غيرِها في مواضعَ أُخرى - ولله الحِكمة البالِغة. اهـ. قلت: ولقدْ شبَّه الله - تعالى - الذين يَستحلُّون التعاملَ بالرِّبا والاحتيال في ذلك بمَن يتخبَّطه الشيطانُ كما قال – تعالى -: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: 275]. والسُّنَّة الصحيحة فيها مِن الأحاديث عن خُطورةِ هذه الكبيرة ما يَشيبُ منها الوِلْدانُ، مِن ذلك: • حديث: ((الرِّبا اثنان وسَبعون بابًا، أدناها مِثل إتيانِ الرجلِ أُمَّه، وإنَّ أرْبَى الرِّبا استطالةُ الرجلِ في عِرْض أخيه))[2]. • وحديث لعن آكِل الرِّبا ومُوكِله، وكاتبَه وشاهديه، وقال: ((هُم سواء))[3]. وجاء في كتاب "الزواجر عن اقتراف الكبائر"[4] ما نصُّه: الرِّبا لُغةً: الزيادة، وشرْعًا: عقدٌ على عِوض مخصوصٍ غيرِ معلوم التماثُل في مِعيار الشرع حالةَ العقد، أو مع تأخير في البدلين أو أحدهما. اهـ. واعلم أخي القاري: أنَّ الرِّبا نوعان: رِبا الفضل، ورِبا النَّسيئة؛ ورِبا الفضل: هو بيعُ الأجناس الربويَّة بالأجناس الربويَّة مع الزِّيادة، وهو مُحرَّم بالسُّنة والإجماع؛ لأنَّه ذريعة إلى رِبا النَّسيئة. ورِبا النسيئة[5]: هو الزِّيادة المشروطة التي يأخُذها الدائن مِن المدين نظيرَ التأجيل. وهذانِ النوعانِ مُحرَّمانِ بالكتاب والسنَّة وإجماع الأئمَّة. وللأسفِ الشديد كثيرًا مِن البنوك تتعامَل اليومَ بالرِّبا بنوعَيهِ وتُقرِض بفوائدَ مشروطةٍ وزيادات مدمِّرة للأفراد والجماعات على المدَى الطويل والقصير. قال العلامة ابن باز[6]: والواقِع اليومَ هو أكثرُ ما يَتعلَّق بالديون، وهي التي تَتعاطاها البنوكُ في إقراضِهم للناس، وفي أَخْذِهم البيعَ على الناس، في اقتراضِهم وإقراضِهم، فأخذهم الودائعَ اقتراض، ودَفْعُهم المال لغيرِهم إقْراض، فالرِّبا في هذا وفي هذا كلُّه ممنوع، فلا يجوز لصاحبِ البنك ولا لغيرِه مِن التُّجارِ أن يُقرِض بزيادة ولا يَقترضَ بزيادة، كلُّه رِبا، محل إجماع ومحل وِفاق بيْن أهلِ العِلم، فإذا أعطَوْه الودائعَ على أنَّه يعطيه في المائة خمسة، أو في المائة عشرة بعدَ شهر، أو بعد سَنة أو أقل أو أكثر، هذا هو الرِّبا المحرَّم، وهو في الحقيقةِ عندَ التحقيق اجتمَع فيه رِبا الفضل ورِبا النسيئة؛ لأنَّه أعطاهُم ألفًا وزيادةً مؤجَّلة، فصار فيه رِبا الفضل ورِبا النسيئة جميعًا. اهـ.
قلت: وهناك مِن الناس مِن العامَّة - ويُؤيِّدهم أدعياءُ العِلم بفتاويهم الشاذَّة - مَن يتحايل لارتكابِ الربا بطُرُقٍ شيطانية، مثال ذلك ما ذَكَره الشيخ ابن عثيمين[7]: مِن مَسائلِ العِينة أو مِن التحيُّل على الرِّبا ما يَفعَله بعضُ الناس اليوم، يحتاج إلى سيَّارة، فيَذهب إلى تاجِر، ويقول: أنا أحتاجُ السيَّارة الفلانية في المعرِض الفلاني، فيذهب التاجرُ ويشتريها مِن المعرِض بثمن، ثم يَبيعها بأكثرَ مِن الثمن على هذا الذي احتاجَ السيارةَ إلى أجَل، فهذا حيلةٌ ظاهرةٌ على الرِّبا؛ لأنَّ حقيقةَ الأمر أنَّه أقْرَضه ثمنَ السيَّارة الحاضرة بزيادة؛ لأنَّه لولا طلبُ هذا الرجلِ ما اشتراها، وهذه حيلةٌ واضِحة، وإنْ كان - مع الأسَف - كثيرٌ مِن الناس انغمَس فيها، ولكن لا عِبرةَ بعملِ الناس، العِبرة بتطبيقِ الأحكام على النصوصِ الشرعيَّة. قلت: ومثال ذلك أيضًا: أن يَبيعَ البعضُ سلعةً إلى أجَل ثُم يبتاعها مِنَ المشتري بأقلَّ مِن ذلك، فهذا مع التواطُؤِ يُبطِل الَبيعينِ؛ لأنَّها حِيلة. ومِن ثَمَّ ليحذر المسلمُ مِن أدعياء العلم الذين يتحايلون على الشَّرعِ؛ لتحليل الرِّبا لسببٍ مِن الأسباب الشخصيَّة اوالدنيويَّة! • مِثل مَن طلَب تغييرَ كلمة فوائد التي ترتبط في أذهانِ الناس بالرِّبا إلى عوائدَ، وكأنَّما الحرامُ يَصير حلالاً بتغيير اسمِه! قال العلاَّمة ابنُ باز - رحمه الله - بعد أنْ ذكَر أدلَّة تحريم الرِّبا مِنَ الكتاب والسنَّة ردًّا على مَن قال: إنَّ التعامل مع البنوك الرِّبوبيَّة حلالٌ، ما نصه: "فهذه بعضُ الأدلَّة مِن كتاب الله وسُنة رسوله محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - التي تبيِّن تحريمَ الرِّبا وخطرَه على الفَرْد والأمَّة، وأنَّ مَن تعامل به وتعاطاه، فقدِ ارتكبَ كبيرةً مِن كبائر الذنوب، وقد أصبح محاربًا لله ولرسوله، وقال الموفَّق ابنُ قُدامةَ - رحمه الله تعالى - في كتابه "المغني": "أجمعتِ الأُمَّةُ على أنَّ الربا مُحرَّم"، وقال ابنُ المنذر في كتاب "الإجماع": "أجْمَعوا على أنَّ السَّلف إذا شرَط على المقترض زيادةً أو هَديةً، فأَسْلَف على ذلك أنَّ أخْذَ الزيادة على ذلك رِبًا، سواءٌ كانت الزيادةُ في القَدْر أو الصِّفة"، ومِن المعلومِ أنَّ الاشتراكَ في البنوك الربويَّة، أو الإيداع فيها أو الاقتراض منها بفوائدَ - كل ذلك مِن المعاملات الرِّبويَّة التي نهَى الله - سبحانه - ورسولُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - عنها فيَجِب الابتعادُ عنها[8]. اهـ. • وكذلك مِثل الذي أباح الرِّبا كأنْ نذَرَ فقال: "إذا نذَر المقترضُ مالاً معينًا لمقرضِه ما دام دَينُه أو شيءٌ منه صحَّ نذرُه، بأن يقول: لله عليَّ ما دام المبلغُ المذكور أو شيء منه في ذِمَّتي أن أعطيَك كلَّ شهر أو كلَّ سَنَة كذا. اهـ. ونحن ليس في حاجةٍ لذكر أسمائهم، وإنما غايتنا بيانُ هذا التدليس والتحايل لتحليلِ ما حَرَّم الله، وأجمع عليه العلماءُ الثقات، ولقدْ ردَّ الشيخ الألباني- رحمه الله - على مَن أباح الرِّبا بالنذر، فقال[9]: ومعنى ذلك أنَّه يُحلِّل للمقترضِ أن يأخذَ فائدةً مسمَّاة كلَّ شهر أو كلَّ سنة مِن المستقرض إلى أن يُوفي إليه دَينَه، ولكنَّه ليس باسمِ: رِبا، بل باسم نَذْر يجب الوفاء به، وهو قُرْبة عنده! فهل رأيتَ أيها القارئُ تلاعبًا بأحكام الشريعة واحتيالاً على حُرماِت الله مثلما فَعَل هذا الرجلُ المتعالِم؟! أمَّا أنا فما أعلم يَفعل مثلَه أحدٌ إلا أن يكونَ اليهود الذين عُرِفوا بذلك منذُ القديم، وما قصَّة احتيالهم على صَيْد السَّمك يومَ السبت ببعيدةٍ عن ذِهن القارئ، وكذلك قولُه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((قاتَل اللهُ اليهود؛ إنَّ الله لَمَّا حَرَّم عليهم الشحمَ جمَّلوه [أي: أذابوه] ثم باعوه وأَكَلوا ثمنه))؛ رواه الشيخان في "صحيحيهما"، وهو مُخرَّج في "الإرواء" (1290)، بل إنَّ ما فَعَله اليهودُ دون ما أتَى به هذا المتمشيخُ، فإنَّ أولئك وإنِ استحلوا ما حَرَّم الله، فإنَّ هذا شاركَهم في ذلك، وزاد عليهم أنَّه يَتقرَّب إلى الله باستحلالِ ما حَرَّم الله بطريق النذر! اهـ. قلتُ: وأمثال هؤلاء الأدعياءِ قدْ كشَفَهم الله عندَما قال - جلَّ شأنُه -: ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾ [البقرة: 9 - 12]. وخُلاصةُ المسألة: أنْ تَعلم - أخي القارئ - يقينًا أنَّ كلَّ مالٍ كان مِن الرِّبا فإنَّ مصيرَه في هذه الدنيا الخسَار والبوار؛ لأنَّ الرِّبا كبيرةٌ مِن الكبائر العظيمة، وإيَّاك والتعاملَ به ولا يغرنَّك خطباءُ الفِتنة وأدعياء العِلم وكثرةُ الهالكين مِن المتعاملين به، فإنَّ الحقَّ أحقُّ أن يُتَّبع. كيف تُحصِّن نفسَك مِن هذه الكبيرة؟ اعلم - أخي القارئ - أنَّ الله تعالى ما ظَلَم العباد شيئًا؛ فقد خلقَنا في أحسنِ تقويمٍ وأنعَمَ علينا بنِعم لا حصرَ لها، مِن سمعٍ وبصَر وحواسَّ أخرى، وبَعَثَ الرسلَ والأنبياء إلينا مُبشِّرين ومُنذرين، وما حَرَّم علينا شيئًا إلا جعَل لنا بديلاً حلالاً. فهو - سبحانه - حَرَّم علينا الزِّنا وأحلَّ لنا الزواج، حرَّم الرِّبا وأحلَّ البيع، حرَّم الخمرَ وأحلَّ لنا باقي المشروبات، وهكذا.
ثم إنَّه - سبحانه - يَسَّر لنا أمرَ العبادات، فرخَّص لنا بالإفطارِ في رمضانَ لِعُذر كالسَّفَر أو المرض. وكذلك في الصلاة رخَّص لنا تأديتَها قعودًا، أو حسبَ الاستطاعة، وما يُقال عنِ الصيام والصلاةِ يُقال عن باقي العبادات، فدِيننا يُسرٌ وللهِ الحمدُ والمِنَّة. ومِن ثَم يكون مِن ظُلْمِك لنفسك أن تخرُج عمَّا أحله الخالِق - جلَّ وعلا - إلى ما حَرَّمه وأَنْذَر مَن يتعامل به بالحرب. وهنا سؤالٌ يطرح نفسه: ماذا عنِ البنوك الإسلامية؛ هل يجوز التعامُلُ معها؟ قال العلاَّمة ابن باز - رحمه الله - في الفتاوى[10]: "أمَّا ما يَتعلَّق بالبنوكِ الإسلاميَّة، فإنَّها - بحمد الله - لها وجود، وقدْ كَثُرت، ونسألُ اللهَ أن يَزيدها كثرةً، وأن يوفِّق القائمين عليها لإصابةِ الحقِّ، وأن يُعيذَهم مِن نزغات الشيطان ومِن دُعاة النار، ويَنبغي أن يُعلَم أنَّ لها أعداءً، ولها خصومًا؛ لأنَّ أصحابَ البنوك الربويَّة لا يَرْضَون عنها، ويُحبُّون أن يُشوِّهوا سُمعتَها مهما قَدروا؛ حتى تبقى لهم مآكلُهم في هذه البنوكِ الرِّبويَّة. ثم قال: وقدِ اطلعنا على نِظامِ بعضها، ودَرَسه أيضًا مجلسُ هيئة كبار العلماء في هذه البِلاد، واتَّضح له بالأكثرية سلامتُها مِن الرِّبا، وأنَّها جيِّدة، هذه بعض البنوك التي اطَّلعنا عليها، ولها لجنةٌ فِقهيَّة تُشاور وتَعرِض عليها المعاملاتِ، وتقرُّ ما يُوافِق الشرع، وتَمنَع ما يُخالِف الشرع، وليستْ معصومةً، هم فقهاءُ أو علماء وليسوا معصومين، قد يقَع الخطأ منهم ومِن غيرهم، لكنَّها في الجملة بنوكٌ تتحرَّى الأمْر الإسلامي، وتتحرَّى المعاملةَ الإسلاميَّة، وهي تعمل بمضاربات، بمضاربة تَشتري السلعَ وتبيعها بفائدة، وما تَجمَّع يُقسَم بين المشتركين، لهم نِظام في ذلك معروف. اهـ. قلت: إذًا فقَدْ جعَل الله تعالى لنا مَخرجًا وبَديلاً مِن هذه الكبيرة، وهذا مِن لُطْفِه وكَرمه، فكُن - أخي القارئ - مسلمًا حقًّا بعدَم التعامُل مع البنوكِ الربوبيَّة والحَذَر مِن المبيعات الربوبيَّة المشبوهة، وارجعْ في كلِّ ما يهمُّك إلي العلماءِ الثِّقات مِن أهلِ السُّنَّة، وحذارِ مِن خُطباءِ الفِتنة وعلماءِ الدنيا الذين يُشكِّكون الناسَ في دِينهم فيَسمع المرءُ منهم ويُنكِر. لماذا شهادةُ الرجل بشهادةِ امرأتين؟! ولماذا يُحرِّم الربا وعليه يقومُ الاقتصادُ العالميُّ؟! ولماذا نَصيبُ الرَّجُل في الميراثِ كنصيبِ امرأتين؟! ولماذا لا تُسافِر المرأةُ بدونِ مَحْرَم وإذنِ الزوج؟!.. إلخ. ويَعتقدون أنَّهم أصحابُ رُؤية تقدميَّة وأنَّهم يُدافِعون عن الدِّينِ أكثرَ مِن أهله مِن العلماء وَرَثة الأنبياء، والله يعلم أنَّهم كاذبون، وحسبُنا الله ونِعمَ الوكيل. والله مِن وراءِ القصد وهو يَهدي السبيل. وكتبه/ سيد مبارك ________________________________________ [1] في "ظلال القرآن"؛ لسيد قطب. [2] الألباني "السلسلة الصحيحة"(ح/ 4 / 488). [3] أخرجه مسلم، كتاب البيوع، باب لعن آكل الربا وموكله، (1598). [4] كتاب "الزواجر عن اقتراف الكبائر"؛ لابن حجر الهيتمي (المتوفى: 974هـ). [5] المقصود به: التأجيل والتأخير؛ أي: الرِّبا الذي يكون بسببِ التأجيل. [6] مجموع فتاوى العلاَّمة عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - (المتوفَّى: 1420هـ) - جمع وطبع: محمد بن سعد الشويعر. [7] الشرح الممتع على زاد المستقنع (8/211) لمحمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: 1421هـ) - نشر: دار ابن الجوزي. [8] مجموع فتاوى العلامة عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - (المتوفَّى: 1420هـ). [9] انظر: تعليق الألباني (المتوفى: 1420هـ) في سلسلة الأحاديث الضعيفة (ح/416). [10] مجموع فتاوى العلاَّمة عبدالعزيز بن باز - رحمه الله -(المتوفى: 1420هـ) - جمع وطبع: محمد بن سعد الشويعر.