(2)التواضع لأهل القرآن وسيلتك لحفظ كتاب الله
التواضُع للمعلِّم والتأدُّب معه وإنْ كان أصغرَ سنًّا ومنزلةً مِن المتعلِّم، والاستماع إلى تلاوته بخشوع وتدبُّر - أمرٌ ضروري لِمَن يبتغي أن يكونَ مِن حَملة القرآن، ويجب أن يختار مريدُ القرآن شيخَه بعناية، بأن يكون حافظًا متقنًا لأحكام التلاوة.ولا ريبَ أنَّ التعلُّم والحفظ عن طريق الاستماع والمشافَهة على يدِ معلِّم متقنٍ، هو الوسيلة المُثلَى لمن يُريد إتقان حِفظ القرآن، وهذه هي طريقةُ سلفنا الصالح، وحتى يومنا هذا، فقد أخَذه الصحابة مِن الرسول، والتابعون مِن الصحابة وهكذا، والنبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أخَذ القرآن شفاهًا مِن جبريل - عليه السلام - وكان يتدارَس معه القرآن في كلِّ سَنة مرَّة، وفي العام الذي قُبض فيه مرَّتين.
• وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان يُعرَض على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم القرآن كلَّ عام مرة، فعُرض عليه مرَّتين في العام الذي قُبض فيه، وكان يعتكف كلَّ عام عشرًا، فاعتكف عشرين في العام الذي قُبِض فيه"؛ أخرجه البخاري في فضائل القرآن ح/4998.
ويجب التنبيه هنا على أنَّ الاعتماد على النَّفْس دون معلِّم خطأ كبير، وقد قيل: لا تأخُذِ العلم مِن صُحفي - أي: من الذي تعلَّم مِن الصحف (الكتب) - ولا القرآن مِن مُصحَفي؛ أي: لا تقرأ لنفسك دون الاستعانة بقارِئٍ متقن.
أمَّا القلْب المتكبِّر اللاهي عن سماعِ القرآن وتدبُّره مع معلمه فقلب صاحبه يستحيل عليه حِفظ واستيعاب القرآن قطعًا، فإنْ كان ضعيف الهمَّة مشغولَ القلب بالدنيا وزينتها، يقاتل مِن أجلها، ويرتكِب المحرَّمات، فلن يكون مِن حَمَلة القرآن، وإنَّما مِن حَملة متاع الدنيا الزائل، اللهمَّ إلا إذا أفاق مِن غفلته وتاب وأناب إلى الله، وجاهد نفسه وشيطانه، وزاد مِن همَّته وعلا بها، وخشَع بجوارحه كلها لله ربِّ العالمين.
وكتبه/ سيد مبارك