سؤال رقم/354
سؤال من أخت فاضلة:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزيتم عنا كل خير وزادكم الله علما نافعا ونفع بكم هل ثبت أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم صلى على سيدنا حمزة رضي الله عنه سبعين صلاة يوم استشهاده في أحد؟
الجواب:
أختنا الفاضلة سؤالك هذا للرد عليه لابد أن نبين أمر مهم فقد قد اختلف أهل العلم في الصلاة على الشهيد وهو خلاف مشهور معتبر فقال بعضهم لا يصلى على الشهيد
وقال بعضهم يصلى على الشهيد واحتجوا بحديث النبي أنه صلى على حمزة هذا وغيره
ولكن الحديث رغم شهرته والراجح بعد البحث والتحري نجد أن شهداء أحد أنه لم يصل عليهم عند الدفن وهذا هو قول جمهور أهل العلم .
قال ابن باز- رحمه الله-:
" الشهداء الذين يموتون في المعركة لا تشرع الصلاة عليهم مطلقاً ولا يُغسلون ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُصلِّ على شهداء أحد ولم يُغسلهم .. رواه البخاري في صحيحه (1347) عن جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما مجموع فتاوى ابن باز (13/162)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ( الشهيد ) لا يصلي عليه أحدٌ من الناس لا الإمام ولا غير الإمام ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم : " لم يصلِّ على شهداء أحد " ، ولأن الحكمة من الصلاة الشفاعة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يُشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه " والشهيد يُكفر عنه كل شيء إلا الدَّيْن ؛ لأن الدين لا يسقط بالشهادة بل يبقى في ذمة الميت في تركته إن خَلَّف تركة ، وإلا فإنه إذا أخذه يريد أداءه أدى الله عنه (الشرح الممتع- 5/367)
وجاء في نصب الراية / 2 / 223 باب الشهيد : كلام يدعو للتأمل –عن صحة الصلاة علي حمزة-رضي الله عنه-سبعيين مرة قال المصنف: وهذا الحديث مع إرساله لا يستقيم، كما قاله الشافعي، فإن الشافعي، قال: كيف يستقيم أنه عليه السلام صلى على حمزة سبعين صلاة، إذا كان يؤتى بتسعة، وحمزة عاشرهم، وشهداء أحد إنما كانوا اثنين وسبعين شهيدا، فإذا صلى عليهم عشرة عشرة، فالصلاة إنما تكون سبع صلاة، أو ثمانيا، فمن أين جاءت سبعون صلاة؟!، قال البيهقي: وأما رواية ابن إسحاق عن بعض أصحابه عن مقسم عن ابن عباس، فذكر نحو ذلك، فهو منقطع، ولا يعرج بما يرويه ابن إسحاق إذا لم يذكر اسم روايه، لكثرة روايته انتهي
ويزيد من عدم صحة الرواية ما جاء في تحفة الأحوذي في شرح الترمذي للمباركفوري(4/110) قال: حديث الصلاة على حمزة الذي أشار إليه الترمذي أخرجه الحاكم من حديث جابر قال فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة حين جاء الناس من القتال فقال رجل رأيته عند تلك الشجيرات فلما رآه ورأى ما مثل به شهق وبكى فقام رجل من الأنصار فرمى عليه بثوب ثم جيء بحمزة فصلى عليه الحديث وفي إسناده أبو حماد الحنفي وهو متروك
وأخرج أبو داود في المراسيل والحاكم من حديث أنس قال مر النبي صلى الله عليه وسلم على حمزة وقد مثل به ولم يصل على أحد من الشهداء غيره وأعله البخاري والترمذي والدارقطني بأنه غلط فيه أسامة بن زيد فرواه عن الزهري عن أنس ورجحوا رواية الليث عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر
وأخرج بن إسحاق عن بن عباس قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمزة فسجي ببردة ثم صلى عليه وكبر سبع تكبيرات ثم أتي بالقتلى فيوضعون إلى حمزة فيصلي عليهم وعليه معهم حتى صلى عليه ثنتين وسبعين صلاة وفي إسناده رجل مبهم لأن بن إسحاق قال حدثني من لا أتهم عن مقسم مولى بن عباس عن بن عباس قال السهيلي إن كان الذي أبهمه بن إسحاق هو الحسن بن عمارة فهو ضعيف وإلا فهو مجهول لا حجة فيه
قال الحافظ الحامل للسهيلي على ذلك ما وقع في مقدمة مسلم عن شعبة أن الحسن بن عمارة حدثه عن الحكم عن مقسم عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد فسألت الحكم فقال لم يصل عليهم انتهى
قال الشوكاني لكن حديث بن عباس روى من طريق أخرى فذكرها
واعلم أن في الصلاة على قتلى أحد وعلى حمزة أحاديث أخرى لكن لا يخلو واحد منها عن كلام
قال بن تيمية في المنتقى وقد رويت الصلاة عليهم يعني على شهداء أحد بأسانيد لا تثبت انتهى
فالحديث بروياته لا يثبت صحته والصلاة علي شهيد المعركة مختلف فيها وجمهور أهل العلم علي عدم الصلاة عليه لكن من صلي فلا يعتب عليه لوجود الاختلاف المعتبر كحديث حمزة وقد بينا أن فيه كلام لأهل العلم في صحته.
وللأمانة العلمية ذكر الألباني في احكام الجنائز حديث أخرجه النسائي وصحح إسناده ص82
قال: عن عبد الله بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر يوم أحد بحمزة فسجي ببردة ، ثم صلى عليه فكبر تسع تكبيرات ثم أُتي بالقتلى يصفون ، ويصلي عليهم وعليه
قال:أخرجه الطحاوي في " معاني الآثار " (1/ 290) وإسناده حسن.
رجاله كلهم ثقات معروفون، وابي اسحاق قد صرح بالحديث.
وله شواهد كثيرة .
وذكر ايضاً حديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه: " أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بحمزة وقد مثل به وأيضا، على أحد من الشهداء غيره. يعني شهداء أحد ". وقال:أخرجه أبو داود بسند حسن
ومن ثم يري الألباني صحة الصلاة علي الشهيد وحسن الروايتين المذكورتين
فالحاصل حتي رغم تحسين الألباني إلا أن الصلاة علي حمزة سبعين مرة بالكيفية المذكورة لا تصح عند جمهرة من أهل العلم أما الصلاة علي الشهيد في المعركة بصفة عامة فالاختلاف معتبر فمن صلي لايعتب عليه ومن لم يصلي فهو الراجح والله أعلم وأحكم