أنا مسلم وافتخر ماذا عنك؟
الحمد لله رب العالمين وكفي والصلاة والسلام علي من اصطفي وبعد..
في الحظر المفروض علينا هذه الأيام والشوق للمسجد ورحيقه وعبيره الذي هو كالمسك ،وسماع القرآن ودروس العلم ومخالطة العلماء ومجالسة الصالحين والأحبة في رحابه، والمساهمة في توزيع التمر علي الحاضرين الصائمين في المسجد ،أو حتي مجرد جلوسك في المسجد قبل الأذان والكبار والصغار يخدموك بكل حب ورحمة وإيثار ، ويتنافسون ابتغاء ثواب الله كل هذا وغيره نفتقده هذه الأيام بسبب فيروس كورونا.
ولكن لا تجعل هذا يحبط عزيمتك ولا تشارك في جدال عقيم لا يقدم ولا يؤخر سواء كنت علي حق أو مخطأ في اجتهادك، ولا تضيع وقتك في القيل والقال فكل يوم يمضي من رمضان ضياع لثواب أنت أولي به قبل فوات الأوان فبعد الموت لن ينفعك إلا عملك، والجدال مع عجزك وقلة حيلتك لا يغير واقع ملموس وقد يكون سبباً في التدليس ولو بالمشاركة في تحريض الناس وضياع لحسنات ماحية مضمونة في شهر القرآن أنت أولي بها ،والذي حدث من بلاء من قدر الله وحكمته وما تبعه من قرارات فرضتها الضرورة لحفظ النفس من الهلكة إلي حين أن شاء الله.
كما أن الجدال والاختلاف لايكون إلا بين العلماء لبيان الحق وحسب الأصول فما شأنك أنت فجدالك نقمة وليس رحمة فلا يغرك شيطانك فيضلك عن سبيل الله.
الم تتدبر قوله تعالي (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ* إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ.. )-هود:118-119-
فكيف تطمع في رحمة الله وأنت تجادل بلا فائدة بل للتحريض والتشويش علي العباد.
وكما هو ظاهر لكل لبيب وفقيه حتي لو كنت علي حق في قولك فالأمر لأهل الحل والعقد فقل أمنت بالله ثم أستقم قبل فوات رمضان.
وستجد نفس المعاملة في البيت وأكثر، وستري ينبوعاً صادقاً يفيض بلا حدود من الحب والود والإيثار والكرم ، والأجر موجود للزوجة والأولاد وفي ميزان حسناتك حتي لو لم تفعل أنت شيئا غير ابتسامة وكلمة طيبة وهي لك صدقة الم يقل النبي-صلي الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه ((والكلمة الطيبة صدقة))؛ وصلاتك بأهلك نعمة ومنة وفي ميزان حسناتك وحسناتهم فأنت سببا في كل الموجود في بيتك بفضل الله مما أنعم به عليك ..
البيت الذي اشتريته أو بنيته من مالك ليسترهم ويحميهم هو في ميزان حسناتك كرَاعٍ مَسؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.
وصلاح الزوجة التي احسنت اختيارها وكانت عند حسن الظن بها في هذه الظروف الصعبة الشاقة للعبادة والخدمة من نعم الله عليك فالدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة..
أولادك الذين أخذوا من جهدك ومالك وصحتك وعمرك الكثير ليكونوا صالحين، ها هي ثمرة عملك وجهدك تراها رؤية عين وهم يصلون خلفك كمأمومين..
طعامك الذي تأكله مع أهلك من تعبك ليل نهار وحرصك أن يكون مالك حلالاً جعل لك في كل لقمة في بطونهم صدقة لك كما لو وضعتها في فيه زوجتك كان لك بها صدقة ألم يقل النبي-صلي الله عليه وسلم " دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ في سبيلِ اللَّه، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ في رقَبَةٍ، ودِينَارٌ تصدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ علَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذي أَنْفَقْتَهُ علَى أَهْلِكَ"- رواه مسلم..
وغير ذلك كثير وكثير (وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا) وكل ذلك وغيره يجعل كل منا يفتخر بإسلامه رغم الحرمان من بيوت الرحمة الربانية .
فماذا تنتظر قلها واصدع بها أنا مسلم وأفتخر إلي أن يقضي الله امراً كان مفعولا، وأفتخر أن الإسلام الدين الوحيد الذي جاء بتشريع من الله تعالى خالق السماء والأرض، وخالق البشر، ورازُقهم، وهو الدين الذي ارتضاه للبشرية، فقال عز وجل: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19].
والإنسان لن يستقيم أمرُه دون تشريع رباني يأمره بكذا وكذا ترهيبًا وترغيبًا، والتشريع جعل الفقير كالغني ،والغقير كالوزير في الحقوق والواجبات والثواب والعقاب، فأنت تصلي وأخوك يُصلي، ربما كان أغنى منك مالًا أو أكبر منك سنًّا، أو أكثر منك علمًا، فهل تراه يصلي حسب مقامه، أم يصلي كصلاتك؟
وقسْ على ذلك كل أمر وطاعة، يسر لنا الله أمرها فالكل يتساوى أمام الله، ولا فارق بين عربي مسلم وأعجمي مسلم إلا بالتقوى والعمل الصالح، فاصدَع بها في الآفاق: أنا مسلم وأفتخر.
ولا تجعل غلق المساجد يعيق عبادتك لله ويطمس بصيرتك وتمنع نفسك من الخير الموجود في بيتك فلا تستطيع كورونا ولا غلق المساجد من منع الجمع والجماعات في بيتك مع أهلك، فكن علي العهد بك دوماً في طاعة الله
فأنت وحدك أمة فكن قانتا وداعياً في بيتك ومعك من يعينك ويقوي عزيمتك من أهل بيتك من زوجة صالحة وأبناء بررة
هيا قلها وأصرخ بها بأعلي صوتك بلا حرج ليندثر شيطانك من خيبته ويفر من أمامك، وأرفع رأسك عالياً فأنت مسلم وأفتخر.
وكتبه/ الفقير لعفو ربه
سيد مبارك