الحمد لله رب العالمين وكفي والصلاة والسلام علي من اصطفي-صلي الله عليه وسلم- وبعد.. نواصل نشر الحلقة الثالثة من "الجلول الشرعية للمشاكل الزوجية "
ونسأل الله تعالي أن يلهم كل زوجين سبيل الحق والرشاد أنه ولي ذلك والقادر عليه .
القسم الثالث
مشاكل تتسبب فيها الزوجة وحلولها
وأذكر هنا أيضاً أهم المشاكل التي تتسبب فيها الزوجة علي سبيل المثال لا الحصر مع التنوع والله المستعان
1-إهمال التزين والتجمل للزوج والفتور في تلبية حاجاته الشرعية:
المعاشرة الجنسية والارتواء الجنسي حق لكل من الزوجين والزواج هو الوسيلة الوحيدة التي أباحها الشرع لإشباع الغريزة الجنسية،ومن حق الزوج أعفاف نفسه وليس للزوجة الرفض ألا لعذر لقوله --صلي الله عليه وسلم- -:
- " "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح"أخرجه البخاري في النكاح ح/5193، ومسلم في النكاح ح/1736- وفي رواية "حتي ترجع"
قال النووي:
قوله -صلي الله عليه وسلم-: (إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح) وفي رواية (حتى ترجع) هذا دليل على تحريم امتناعها من فراشه لغير عذر شرعي وليس الحيض بعذر في الامتناع لأن له حقا في الاستمتاع بها فوق الإزار. ومعنى الحديث أن اللعنة تستمر عليها حتى تزول المعصية بطلوع الفجر والاستغناء عنها أو بتوبتها ورجوعها إلى الفراش.اهـ
قلت:وكما قال النووي ليس الحيض عذرا للامتناع ومن حق الزوج الاستمتاع بزوجته كيفما شاء ويحرم عليه الجماع في الحيض أو الدبر وغير ذلك فهذا شأنه.
والزوجه يسعدها قطعاً أن تعلم إن زوجها لا يريدها للفراش الجنسي فقط وأنها هي مرغوبة في كل وقت حتي في أيام حيضها التي يحرم عليه فيه جماعها.
2-عدم السمع والطاعة له فيما أباحه الشرع للزوج
السمع والطاعة للزوج أمر حث عليه الشرع ما لم يكن في معصية الله: لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صلي الله عليه وسلم- قَالَ لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا)..
ولا تستقيم الحياة الزوجية إلا بقوامة الرجل فلو سلبت الزوجة منه القوامة ولم تسمع له وتطيع فقد أختل الميزان وفي هذا فساد لا يخفي..
ومن الأهمية بيان الأحوال التي يجب علي الزوجة أن تستأذن فيها زوجها وأذكر هنا أمرين منعاً للإطالة والله المستعان:
1- عدم الخروج من البيت إلا بأذنه لحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلي الله عليه وسلم- لَا تَمْنَعُوا النِّسَاءَ حُظُوظَهُنَّ مِنْ الْمَسَاجِدِ إِذَا اسْتَأْذَنُوكُمْ فَقَالَ بِلَالٌ وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ أَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلي الله عليه وسلم- وَتَقُولُ أَنْتَ لَنَمْنَعُهُنَّ) رواه مسلم
2-طاعة الزوج أولي من أداء النوافل فلا يصح صيامها أو صلاتها النوافل إلا بأذنه لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صلي الله عليه وسلم- (لا تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ) متفق عليه
3-الحدة والعصبية في مناقشته لمشكلة من المشاكل
ثبت في الطب الحديث أن خلايا الإنسان في الجلد والعضلات والعظام والعيون كلها تتجدد كل سبع سنوات مرة واحدة ما عدا الخلايا العصبية فإنها تتوقف عن النمو للإنسان عن السنة السابعة تقريبا حيث إن 9 / 10 من المخ ينمو في تلك الفترة. وإلاّ فلو تغيرت الخلايا العصبية لتغيرت شخصية الإنسان ولكان له عدة تصرفات في يوم واحد...
ومن هنا فأن العصبية الذائدة عن الحد عند حدوث مشكلة واتهام طرف للآخر بالتقصير ليس مبرر لنضر بالخلايا العصبية في أجسادنا، وما في هذا من فساد وإفساد، لان كل ما زاد عن حده أنقلب إلي ضده..
وينبغي للزوجة معالجة مشاكل البيت والأولاد بكل حنكة وحكمة.. وعليها بالرفق فالشدة والعصبية لا تبني بيتاً سعيداً، ولذلك قال النبي لعائشة رضي الله عنها: "ان الرفق ما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه"
4-إهمالها لنظافة البيت بحجج واهية
الزوجة الصالحة تتقرب إلى الله جل وعلا بخدمة زوجها ولا تتحجج بالعمل ومركزها الاجتماعي..الخ
ولتعلم أن نساء الصحابة رضي الله عنهم كن مجاهدات عاملات في خدمة الأزواج، صابرات على المشقة والتعب ابتغاء وجه الله عز وجل، ولها في أسماء بنت أبي بكر رضى الله عنهما قدوة حسنة،
فقد كانت دائماً في خدمة زوجها الزبير بن العوام رضي الله عنه، كانت تنقل النوى من أرض بعيدة عن منزلها، وتخرز الغرب، وتستقي الماء، وتعجن وكل ذلك بيدها، والحمل على ظهرها ورأسها، وهذا يدل على قوة عزيمتها، ورغبتها فيما عند الله عز وجل.
قلت:فلماذا لا تحرص الزوجة على خدمة زوجها، وهو جنتها ونارها؟! كما في حديث حصين بن محصن: (أن امرأة أتت النبي -صلي الله عليه وسلم- في حاجة ففرغت من حاجتها فقال لها النبي -صلي الله عليه وسلم-: أذات زوج أنت؟ قالت: نعم.
قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه -أي لا أقصر في طاعته وخدمته- قال: فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك) أخرجه أحمد وقال الألباني في الترغيب صحيح ح/ 1933
قال المناوي في شرح هذا الحديث: (انظري أين أنت منه) أي: في أي منزلة أنت منه، أقريبة من مودته، مسعفة له عند شدته، ملبية لدعوته، أم متباعدة من مرامه، كافرة لعشرته وإنعامه.
(فإنما هو جنتك ونارك) أي: هو سبب لدخولك الجنة برضاه عنك، وسبب لدخولك النار بسخطه عليك، فأحسني عشرته، ولا تخالفي أمره فيما ليس بمعصية. اهـ.
5-إثارة غضبه وهمه بكثرة ثرثرتها عن الغير
الزوجة العاقلة هي التي تحفظ لسانها وتتذكر قوله تعالي: ﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)﴾ [ق]
وقول النبي -صلي الله عليه وسلم-: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت..."-أخرجه البخاري في الرقاق ح/6475، ومسلم في الإيمان ح/47
فلا تثرثر بالقيل والقال فتثقل علي زوجها بالغيبة والنميمة..الخ
بل عليها بالكلمة الطيبة وتحفظ لسانها عما يغضب الله منها ولتتذكر قوله تعالي: ﴿يوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25)﴾ [النور]
ولها في الصحابة قدوة فها هو ابن مسعود يقول: [والله الذي لا إله غيره ما من شيء أحوج إلى طول سجن من اللسان].. وأبي بكر يقول وهو يضع حصي علي لسانه: هذا الذي أوردني الموارد]
6-كثرة استضافتها لصواحبها في بيت زوجها.
للبيوت حرمات وآداب للضيافة والاستئذان، ويجب علي الزوجة أن تراعي خصوصيات أهلها من زوج وأولاد، لأن بعض الزوجات الاجتماعيات جداً لا تكف أحداهن عن دعوة صواحبها وجيرانها من النسوة واستقبالهن في أي ساعة من ليل أو نهار !!
مما يفقد الزوج أعصابة والأولاد صبرهم لشعورهم بأنهم مقيدين في حجرة من حجرات المنزل لوجود ضيوف الزوجة الكرام من النسوة دوماً في الخارج.
وينبغي علي الزوجة العاقلة أن تتخير الأوقات المناسبة لذلك وتقلل من الصحبة السيئة ولتتذكر قول النبي -صلي الله عليه وسلم-: "لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه". رواه مسلم
7-طلبها الطلاق من غير باس
وهذه من وسائل الشيطان أن تطلب الزوجة الطلاق لهوي نفس دون مبرر شرعي..
قال النبي -صلي الله عليه وسلم- " أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة " أخرجه أبو داود والترمذي وهو صحيح
ومن باب النصيحة والموعظة الحسنة أقول للزوجين بصفة عامة و للزوجة بصفة خاصة
أن الحياة الزوجية أخذ وعطاء.. عسر ويسر.. سعادة وشقاء
وهي ليست سعادة دائمة ولا شقاء دائم، وإنما بين هذا وذاك وكل ما ينبغي علي كل من الزوجين أن يفعله هو الوصول لأعلي درجات السمو الروحي بينهما في العطاء والمحبة كي تستقر دعائم عش الزوجية علي أسس متينة من الثقة والاحترام المتبادل بين كل من الزوج وزوجه ومعرفة كل منهما لحقوق الآخر عليه.
ومما لاشك فيه أن الوصول لهذه المكانة من السمو لا يتحقق بين يوم وليلة، ولا بين قلبين متنافرين متباعدين يكره كل منهما الآخر لشيء فيه ينفره منه.
بل بين قلبين متحابين متعاونين وبالتفاهم وإنكار الذات القائم علي مراعاة حق الله تعالي مع إدراك إن الإنسان بطبيعة خلقته ضعيفاً، وبالتبعة يكثر خطأه وزلاته غير المتعمدة خصوصا بين زوجين جمعهما الله تعالي، ورضي الزوج بها زوجة وأماً لأولاده وأتمنها علي عرضه وماله، وهي مثله رضيت به زوجاً لها وأبا لأولادها وحفظته في نفسها وبيته..
ومن ثم عليك أيتها الزوجة بإعطاء زوجك الفرصة تلو الأخرى مع مصارحته بما يجيش في صدرك من مشاعر وأحاسيس فربما كان في غفلة عن السبب أو الأسباب التي جعلتك تطلبين الطلاق دون بأس ولا تترددي في منحة الفرصة في الوقت المناسبة الذي يكون فيه منسجما معك ومقبلا عليك، ومن يدري لعله يدرك خطاه ويتداركه والله المستعان
8-رفضها للإنجاب لمركزها الاجتماعي أو لغيره
من عجيب أمر النساء رفضها للإنجاب ولا ادري لماذا تزوجت؟!
تري الزوجة أن أنجاب الأطفال يقلل من فرصتها في العمل ؛ فلكي تنجب أطفالا فإما أن لا تعمل إطلاقاً، وإما أن تتوقف عن العمل لفترات، ولأنها حريصة على العمل فإنها ستلجأ إلى الحد من الإنجاب،
مع إن أنجاب الذرية وزيادة النسل وتكوين أسرة من أهم مقاصد الزواج ، ولا ريب أن هذا خلل سيؤدي حتماً إلي فساد العلاقة وحتي لو رضي الزوج بذلك..
فالأطفال هم قرة العين ونعمة يمن الله علي من يشاء كما فال تعالي ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50) ﴾ [الشوري].
ثم أن عاطفة الأبوة والأمومة أمر فطري في الإنسان ولن تقوم حياة مستقرة قائمة علي الارتباط الوثيق إلا بوجود الأطفال.. لأنه وقتها سيكون زواج أجوف لا روح فيه!!
9-رفضها المشاركة بمالها في الإنفاق علي الأسرة
قد تعمل الزوجة أما لزيادة دخل الأسرة، وإما للتشدق بالمساواة ومنافسة الرجل..
فالزوجة في الحالة الأولي أن كان عملها ملائم لطبيعته بلا اختلاط فاحش ومحتشمة وبموافقة الزوج وغير ذلك من شروط عمل المرأة فلا بأس.
أما لو كانت من النوع الثاني فهي حتماً ستبخل علي زوجها بمشاركته في ميزانية البيت، وسيؤدي ذلك إلي أحساس زوجها بالعجز فضلا عن الإهانة !!لماذا؟
لأنه عندما رضي بعملها أو رضي بالأمر الواقع عندما أبت الجلوس في البيت ليتحكم فيها!!
وستقول بملء صوتها لماذا حصلت على هذه الشهادات؟
لكي أجلس في البيت؟ لا لن يحدث.
وكلمة من هنا وكلمة من هناك لا ريب سيحدث مالا يرضاه مسلم..
وفي كل الأحوال سيكون هناك تقصير في مهمتها الأساسية والتي هي الغاية من الزواج، ولن يشعر بالاستقرار ولا المودة ولا الرحمة لأن فاقد الشيء لا يعطيه. وللزوجات هذه الكلمات العظيمة كنصيحة لهن من كتاب "حراسة الفضيلة "للعلامة بكر أبو زيد-رحمه الله - قال:
أن عمل المرأة خارج البيت مشاركة للرجل في اختصاصه، يقضي على هذه المقاصد أو يخل بها، وفيه منازعة للرجل في وظيفته، وتعطيل لقيامه على المرأة، وهضم لحقوقه؛ إذ لا بد للرجل من العيش في عالمين:
عالم الطلب والاكتساب للرزق المباح، والجهاد والكفاح في طلب المعاش وبناء الحياة، وهذا خارج البيت.
وعالم السكينة والراحة والاطمئنان، وهذا داخل البيت، وبقدر خروج المرأة عن بيتها يحصل الخلل في عالم الرجل الداخلي، ويفقد من الراحة والسكون ما يخل بعمله الخارجي، بل يثير من المشاكل بينهما ما ينتج عنه تفكك.اهـ
ولأن هذه المشكلة مما تعكر الحياة الزوجية خصوصاً بين المتزوجين في القرن الواحد والعشرين فأجد التوسع في البيان والتوضيح لأمر هام هنا ألا وهو واجب خدمة الزوج من الزوجة من عدمه لماذا؟ لأن بعض الفتاوي لأشباه العلماء تدعي أن ليس بواجب علي الزوجة أن تخدم زوجها وله فقط حق الاستمتاع، وزوجات هذا الزمن يبحثن عن دليل شرعي للتنصل من عمل البيت بحجة المساواة!! وكانت هذه الفتاوي المضروبة حجتهن فما صحتها من الناحية الشرعية بلا هوي أو مطمع؟
أذكر هنا فتوي شاملة المعاني المقصودة من فتاوي الشيخ " أبو إسحاق الحويني – حفظه الله – وهو في غني عن التعريف لعل وعسي تقتنع كل زوجة متحرر وترتدع من ترديد الشطحات التي تفسد الحياة الزوجية في مثل هذا الأمر الحيوي.
قال الشيخ – حفظه الله تعالي:
قال هؤلاء: الاستمتاع؛ لأن العقد إنما نص فيه على الاستمتاع وليس على الاستخدام.
فيقال: إن المرأة أيضاً تستمتع بالرجل، فهذا حق مشترك، كلاهما يستمتع بصاحبه، فما هي التبعة على المرأة مقابل هذه الخدمات الهائلة بالنسبة للرجل؟ هل الرجل يعجن ويخبز ويغسل الملابس وينظف البيت؟ فما عمل المرأة إذاً؟! وأين قوله تعالى: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة:228]؟ ما الذي عليهن إذاً؟
إذا كان الرجل يفعل كل ذلك، ويضرب في الأرض حتى يكسب قوته وقوت أولاده من عشرات الأفواه والأيدي كل يوم، ثم يأتي في خاتمة اليوم أو خاتمة الأسبوع أو الشهر فيعطيها ما تريد كيف يقال: إن المرأة ليس عليها أن تخدم الرجل؟!
بل وصل الشطط ببعض هؤلاء العلماء إلى أن قال: يلزم الرجل إن كانت زوجته تدخن أن يأتي لها بالسجائر! ويزعم أن هذا معروف، كيف والتدخين حرام؟ يعني كيف لو أرادت المرأة -مثلاً- أن تخرج متبرجة أو تشرب خمراً، يكون عقوقاً من الرجل أن يمنعها من ذلك؟! هذا شطط.
والذين يقولون باستحباب الخدمة فقط، لا أتصور أحداً منهم لو جاء بأضياف إلى البيت فقال لامرأته: أعدي طعاماً.
فقالت له: إن الخدمة مستحبة، أي: لا جناح علي ولا إثم إن لم أخدمك أنت وأضيافك، التمس من يفعل لك ذلك.
لا أتصور أن يقف الرجل عند القول باستحباب الخدمة، بل لعله يطلقها.
المعروف في العقود غير الموقوف عليها أن العرف هو الذي يتحكم فيها، فإن كان على الرجل حق فعلى المرأة حق أيضاً، وإلا لم يكن هذا من العشرة بالمعروف.
ثم قال:
ومسألة أن العقد إنما هو للاستمتاع فقط مسألة في غاية التهافت؛ لأن كثيراً من الأحاديث الصحيحة دلت على أن خدمة المرأة لزوجها واجبة، لكن الخدمة إنما تكون بالمعروف، لا تكلفها فوق طاقتها، فإنه ليس على المرأة حتم لازم أن تخدم أم الرجل، أو تخدم أباه، هذا ليس حتم لازم على المرأة، ولكن تندب إليه، فلا تكلفها غصباً بالأعمال الجسيمة؛ لأن كل شيء مقيد بالمعروف، فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية وليست كخدمة الحضرية، كل فعل إنما يكون بالمعروف.
ثم لا تنس أن الخدمة وإن كانت على المرأة واجبة إلا أنه يستحب للرجل أن يشارك أهل بيته في بعض العمل، وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يكون في خدمة أهله) وفي الشمائل للترمذي: (يفلي ثوبه، ويقوم على إصلاح نعله، فإذا أذن للصلاة خرج إلى الصلاة) هذا هو مقتضى المعروف: أن تشارك زوجك في بعض العمل لاسيما إن وجدتها أثقلت بكاهل الولد أو أثقل كاهلها بالعمل.اهـ
10-كثرة إذلالها له بما لها من حسب ونسب ومركز اجتماعي
وهذه مشكلة من مشاكل العصر..عصر البعد عن الله.. عصر صار فيه الدين هوامش عند الكثير من الناس إلا من رحم ربي.
وأصحاب المراكز الاجتماعية المرموقة لا يعرفن بناتهن شيئا عن الدين، وإنما هو عندهن مجرد طقوس لا روح فيه تؤدي كواجب والسلام.
ومن هنا كانت من تتزوج منهن في قمة الجهل بدينها وكثرة التفاخر بحسبها ونسبها ومالها، ولنا أن ندرك عظمة قوله -صلي الله عليه وسلم-: " تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك "
وعلي كل حال لو كانت الزوجة غير متفقه في الدين فنصيحتي لها بالتفقه والعمل علي إسعاد زوجها والكف عن التفاخر عليه، ولتتذكر قول ربها جل وعلا:
﴿إِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104)﴾ [المؤمنون]
وللحديث بقية أن شاء الله تعالي
وكتبه/ سيد مبارك