هذا توحيدنا يا أمة الإسلام
(3)الجزء الثالث والأخيرالحمد لله وكفي والصلاة والسلام علي من اصطفي وبعد..حقيقة التوحيد الذي هو الغاية من الخلق وضحها النبي-صلي الله عليه وسلم –جلية واضحة في هديه وهو خير الهدي وانشر هنا الجزء الثالث والأخير لكل من يبحث عن التوحيد الحق بشرح علمائنا الثقات من أهل السنة والجماعة .
• من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التوحيد أن من قالها حرم قتله ولو كان مشركًا وحسابه على الله:
• لحديثِ أسامةَ بنِ زيد بن حارثةَ رضي الله عنهما "قال: بعثَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جُهينة قال: فصبَّحنا القوم فهزَمْناهم، قال: ولحقتُ أنا ورجلٌ من الأنصار رجلاً منهم قال: فلما غَشيناه قال: لا إله إلا الله! قال: فكفَّ عنه الأنصاريُّ فطعَنتُه برمحي حتى قتلتُه[21]. قال: فلما قَدِمنا بلَغ ذلك النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: فقال لي: (يا أسامة، أقتلتَه بعدَما قال: لا إله إلا الله؟!) قال: قلتُ: يا رسول الله، إنما كان متعوذًا، قال: (أقتلتَه بعدما قال: لا إله إلا الله؟!) قال: فما زال يُكرِّرها عليَّ حتى تمنَّيتُ أني لم أَكُن أسلمتُ قبل ذلك اليوم!"[22].
• من هَديِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في شهادة التَّوحيد أنَّ مَن خُتم له بها دخل الجنة:
عن مُعاذِ بن جبل، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (من كان آخرُ كلامهِ لا إله إلا الله[23] دخل الجنة)[24].
• من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التوحيد أن الحلف بغير الله[25] جلَّ وعلا شِرك، ولا يخرج منه إلا بنطقه بالشهادة:
• لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن حلَف مِنكم فقال في حَلفه باللاَّت، فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعالَ أُقامِرْك فليتصدَّق)[26].
• من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التوحيد أن النُّطق بالشهادتين بعد الوضوء تفتح لصحابها أبواب الجنة الثَّمانية:
• لحديث عُقبة بن عامر قال: كانت علينا رعاية الإبل، فجاءت نوبتي، فروَّحتها بعشيٍّ، فأدركتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قائمًا يحدِّث الناس، فأدركتُ مِن قوله: (ما مِن مسلم يتوضَّأ فيُحسن وُضوءه ثم يقوم فيُصلي ركعتين مقبلٌ عليهما بقلبه ووجهه، إلا وجبَت له الجنة) قال: فقُلتُ: ما أجودَ هذه! فإذا قائلٌ بين يديَّ يقول: التي قبلَها أجوَدُ، فنظَرتُ فإذا عُمر، قال: إني قد رأيتُك جئتَ آنفًا، قال: (ما مِنكم من أحدٍ يتوضَّأ فيبلغ أو فيُسبِغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلاَّ الله وأنَّ محمدًا عبد الله ورسولُه إلا فُتحت له أبواب الجنة الثمانية يَدخل من أيِّها شاء)[27].
• مِن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التوحيد عدمُ الإلحاد[28]، والتزام هديه بتوحيده في أسمائه الحسنى مما سمَّى نفسَه به.
• جلَّ شأنه - أو وصَفَه بصفاته الكريمة مما وصف نفسه به - جل شأنه - مع الإيمان أنه ليس كمثله شيء.
قال أهل العلم: والإلحاد لغة: الميل والعدول عن الشيء، والإلحاد في أسماء الله وآياته هو العدول والميل بها عَن حقائقها ومعانيها الصحيحةِ إلى الباطل.
وأذكُر هنا بعض الأحاديث مِن هدي النبيِّ صلى الله عليه وسلم في توحيد الأسماء والصفات، والله المستعان:
• من هدي النبي في توحيد الأسماء والصفات وصفُ الله بأنَّ له يدًا[29]، وليس كمثله شيء:
• لحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يدُ الله مَلْأى لا يَغِيضُها نفَقة، سَحَّاءُ الليلَ والنَّهارَ) وقال: (أرأيتم ما أنفَق منذ خلَق السموات والأرض فإنه لم يَغِضْ ما في يده) وقال: (عَرشُه على الماء، وبيده الأخرى الميزانُ يَخفِض ويَرفع)[30].
• مِن هدي النبي في توحيد الأسماء والصفات وصفُ الله بأنه يَضحك[31]، وليس كمثله شيء:
• لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يضحَك الله إلى رجلين يَقتُل أحدهما الآخر، يَدخُلان الجنة؛ يُقاتل هذا في سبيل الله فيُقتل، ثم يَتوب الله على القاتل فيُستشهَد)[32].
• من هدي النبي في توحيد الأسماء والصفات الدعاءُ لله والتأدُّب في رفع الصوت؛ فهو سميعٌ يَسمع الأصوات[33]، وليس كمثله شيء:
• لحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكُنَّا إذا أشرَفْنا على وادٍ هَلَّلنا وكبَّرنا ارتفعَت أصواتنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس، ارْبَعوا على أنفسكم؛ فإنكم لا تَدْعون أصمَّ ولا غائبًا؛ إنه معكم، إنه سميعٌ قريب، تَبارك اسمُه وتعالى جَدُّه)[34].
• من هدي النبي في توحيد الأسماء والصفات الدعاءُ لله بما سَمى به نفسه[35]، وليس كمثله شيء:
1 - لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن أبا بكر الصدِّيق رضي الله عنه قال: يا رسول الله، مُرني بكلماتٍ أقولُهن إذا أصبحتُ وإذا أمسيتُ، قال: (قل: اللهمَّ فاطرَ السموات والأرضِ عالِمَ الغيبِ والشهادة ربَّ كلِّ شيءٍ ومَليكَه، أشهد أن لا إله إلاَّ أنت، أعوذُ بك مِن شرِّ نفسي، وشرِّ الشيطان وشَرَكِه) قال: (قُلها إذا أصبحتَ وإذا أمسيتَ وإذا أخذتَ مَضجعَك)[36].
2 - وحديثِ أنس بن مالك قال: كنتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا - يَعني: ورجلٌ قائم يصلِّي - فلمَّا ركَع وسجَد وتشهَّد دعا، فقال في دعائه: اللهمَّ إني أسألُك بأنَّ لك الحمدَ لا إله إلا أنت، المنَّان بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، إني أسألك، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (تَدرون بما دعا؟) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: (والذي نفسي بيده، لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دُعي به أجاب، وإذا سُئل به أعطى)[37].
هوامش وتنبيهات هامة
________________________________________
[21] قال ابن تيمية رحمه الله: ومع هذا لم يوجب عليه قودًا ولا دية ولا كفارة؛ لأنه كان متأولاً ظنَّ جواز قتل ذلك القائل لِظنِّه أنه قالها تعوذًا. فهكذا السَّلَف قاتل بعضهم بعضًا من أهل الجمل وصفِّين ونحوهم، وكلهم مسلمون مؤمنون؛ كما قال تعالى: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الحجرات: 9]، فقد بيَّن الله تعالى أنَّهم مع اقتِتالهم وبغيِ بعضهم على بعض إخوةٌ مؤمنون، وأمر بالإصلاح بينهم بالعدل. اهـ. انظر مجموع الفتاوى (3/ 284).
- وأضاف ابن عثيمين رحمه الله في مجموع الفتاوى (25/ 344): وأما الخوفُ من غَدرِه فهو واردٌ ومحتمل، ولكن هل وقَع ذلك من أحدٍ وعرَفتُم كثرةَ الغدر ممَّن فعَلوا ذلك؟ قد يكون هذا الرَّجل مُسلِمًا مُجبَرًا على أن يَخرج في صُفوف العدو، وهو لا يُريد الخروج، وقد يكون كافرًا أو مرتدًّا لكن هداه الله عزَّ وجل حينما رأى أنه قد أُدرِك، فالمهمُّ أننا إذا خِفْنا غدرَه؛ فإننا نأسرُه أسرًا لا يتمكَّن به من الغدر، ونُبقيه على الحياة حتى يتبين لنا الأمر. اهـ.
[22] أخرجاه في الصحيحين؛ البخاريُّ برقم/ 6364 - باب قول الله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْيَاهَا ﴾ [المائدة: 32]، ومسلمٌ نحوه برقم/ 141 - باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله.
[23] قال الألباني في أحكام الجنائز (ص/ 34) عن علامات حُسن الخاتمة ما مختصره وبتصرف يسير: ثم إن الشارع الحكيم قد جعل علاماتٍ بينات يُستدَلُّ بها على حسن الخاتمة - كتبَها الله تعالى لنا بفَضِله ومَنِّه - فأيُّما امرِئٍ مات بإحداها كانت بشارةً له، ويا لها مِن بشارة! الأولى: نُطقُه بالشهادة عند الموت، وفيه أحاديثُ ذكر منها رحمه الله حديث الباب: (مَن كان آخرُ كلامه لا إله إلا الله دخَل الجنَّة). وذكَر علامات أخرى لا مجال لذِكْرها هنا، فلْيَرجع إليه مَن أراد زيادةَ بيان.
[24] انظر حديث رقم/ 6479 في صحيح الجامع.
[25] قال ابن تيميَّة رحمه الله: وأما الحلف بغير الله مِن الملائكة والأنبياء والمشايخ والملوك وغيرهم، فإنه منهيٌّ عنه غيرُ منعقِدٍ باتفاق الأئمة، ولم يُنازعوا إلا في الحلف برسول الله صلى الله عليه وسلم خاصَّة. والجمهور على أنه لا تَنعقِد اليمينُ لا به ولا بغيره، وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَن كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت)، وقال: (من حلف بغير الله فقد أشرك)، فمَن حلف بشيخه أو بتُربتِه أو بحياته أو بحقِّه على الله أو بالملوك أو بنعمة السلطان أو بالسيف أو بالكعبة أو أبيه أو تربةِ أبيه أو نحو ذلك - كان منهيًّا عن ذلك ولم تَنعقد يمينُه باتفاق المسلمين. اهـ. انظر مجموع الفتاوى (11/ 506).
[26] أخرَجاه في الصحيحين؛ البخاري برقم/ 4482 - باب ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ﴾ [النجم: 19]، ومسلم برقم/ 3107 - باب من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله.
[27] أخرجه مسلم برقم/ 345 - باب الذِّكر المستحَبِّ عقب الوضوء.
[28] قال ابن عثيمين رحمه الله في: فتح ربِّ البرية بتخليص الحموية (ص/ 9 - 10): فأما الإلحاد في أسمائه فهو العُدول عن الحق الواجب فيها. وهو أربعة أنواع:
1. أن يُنكِر شيئًا منها، أو مما دلَّت عليه من الصفات، كما فعل المعطِّلة.
2. أن يجعلها دالَّة على تشبيه الله بخلقِه، كما فعل المشبِّهة.
3. أن يسمِّيَ الله بما لم يسمِّ به نفسَه؛ لأن أسماء الله توقيفيةٌ، كتسميةِ النصارى له أبًا، وتسمية الفلاسفة إياه عِلَّةً فاعلة، ونحوِ ذلك.
4. أن يشتق من أسمائه أسماءً للأصنام؛ كاشتقاق اللات من الإله، والعُزَّى من العزيز.
وأما الإلحاد في آياته فيكون في الآيات الشرعية - وهي ما جاءت به الرسل من الأحكام والأخبار - ويكون في الآيات الكونية، وهي ما خلَقه الله ويخلُقه في السموات والأرض.
فأما الإلحاد في الآيات الشرعية فهو تحريفها أو تكذيب أخبارها أو عصيان أحكامها.
وأما الإلحاد في الآيات الكونية فهو نسبتها إلى غير الله أو اعتقاد شريك أو مُعِين له فيها. اهـ.
[29] قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في: فتح رب البرية بتخليص الحموية (ص/ 32): وقد أجمع أهل السنة على أنهما يدَان حقيقيَّتان لا تُماثلان أيدي المخلوقين، ولا يصحُّ تحريفُ مَعناهما إلى القوة أو النِّعمة أو نحوِ ذلك؛ لوُجوهٍ، منها:
أولاً: أنه صَرْفٌ للكلام عن حقيقته إلى مجازه بلا دليل.
ثانيًا: أنه معنًى تأباه اللُّغة في مثل السِّياق الذي جاءت به مضافةً إلى الله تعالى؛ فإن الله قال: ﴿ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾ [ص: 75]، ولا يصحُّ أن يكون المعنى لما خلقتُ بنِعمتَيَّ أو قوتَيَّ.
ثالثًا: أنه ورد إضافة اليد إلى الله سبحانه وتعالى بصيغة التَّثنية، ولم يَرِد في الكتاب والسُّنة - ولا في موضعٍ واحد - إضافةُ النعمة والقوة إلى الله بصيغة التَّثنية. فكيف يُفسَّر هذا بهذا؟!
رابعًا: أنه لو كان المرادُ بهما القوةَ، لصحَّ أن يُقال: إن الله خلَق إبليسَ بيَدِه، ونحوُ ذلك، وهذا ممتنع. ولو كان جائزًا لاحتجَّ به إبليسُ على ربِّه حين قال له: ﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾ [ص: 75].
خامسًا: أن اليدَ التي أضافها الله إلى نفسه وردَت على وجوهٍ تَمنع أن يكون المرادُ بها النعمةَ أو القوةَ، فجاءت بلفظ اليدِ والكفِّ، وجاء إثباتُ الأصابعِ لله تعالى، والقبضِ والهزِّ؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: (يقبض الله سمواتِه بيده والأرضَ باليد الأخرى، ثم يهزُّهن ويقول: أنا الملك). وهذه الوجوه تَمنع أن يكون المرادُ بهما النعمةَ أو القوةَ. اهـ.
[30] أخرجه البخاري برقم/ 6862 - باب قول الله تعالى: ﴿ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾ [ص: 75].
[31] قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: وأجمع السلف على إثبات الضَّحِك لله، فيجب إثباتُه له من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييفٍ ولا تمثيل. وهو ضحكٌ حقيقي يَليق بالله تعالى.
[32] أخرجاه في الصحيحين؛ البخاريُّ برقم/ 2614 - باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل، ومسلمٌ برقم/ 3504 - باب بيان الرجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة.
[33] قال ابن عثيمين رحمه الله في مجموع الفتاوى (8/ 432): هذا الحديث فيه فوائدُ؛ فيه شيءٌ من الصفات السلبية: نَفْي كونه أصمَّ أو غائبًا؛ لكمال سمعه ولكمال بصره وعِلمه وقُربه. وفيه أيضًا أنه ينبغي للإنسان ألاَّ يشقَّ على نفسه في العبادة؛ لأن الإنسان إذا شقَّ على نفسه تعبَت النفس وملَّت، وربما يتأثر البدن، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اكْلَفوا مِن العمل ما تُطيقون؛ فإن الله لا يَملُّ حتى تمَلُّوا). فلا ينبغي للإنسان أن يشقَّ على نفسه، بل ينبغي أن يَسُوس نفسه؛ إذا وجَد منها نشاطًا في العبادة عَمل واستغلَّ النشاط، وإذا رأى فُتورًا في غيرِ الواجبات، أو أنها تَميل إلى شيءٍ آخَر من العبادات؛ وجَّهَها إليه.
حتى إن الرسول صلى الله عليه وسلم أمَر مَن نعس في صلاته أن ينام ويدَع الصلاة؛ قال: (فإن أحدكم إذا صلَّى وهو ناعسٌ لا يَدري لعله يَستغفر فيَسُب نفسَه).
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم حتى يقولَ القائل: لا يُفطر، ويفطر حتى يقول القائل: لا يصوم، وكذلك في القيام والنوم.
وفيه أيضًا: أن الله قريب، وقد دل عليه قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186]. اهـ.
[34] أخرجه البخاري برقم/ 2770 - باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير.
[35] قلتُ: "وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلاَّ واحدًا، مَن أحصاها دخَلَ الجنة، وإنَّه وِتْر يحبُّ الوِتْر)، وفي رواية: (مَن حَفِظها دخَلَ الجنةَّ)، وقال النوويُّ في شرح مسلمٍ للحديث: قال الإمام أبو القاسم القُشَيْري: فيه دليلٌ على أنَّ الاسم هو المسمَّى؛ إذ لو كان غيرَه لكانتِ الأسماء لغيرِه؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [الأعراف: 180].
قال الخطَّابي وغيره: وفيه دليلٌ على أنَّ أشهرَ أسمائه سبحانه وتعالى "الله"؛ لإضافةِ هذه الأسماء إليه، وقد رُوِي أنَّ "الله" هو اسمُه الأعظم، قال أبو القاسم الطبري: وإليه يُنسَب كلُّ اسمٍ له، فيُقال: الرؤوف والكريم من أسماء الله تعالى، ولا يُقال: من أسماء الرؤوف أو الكريم الله، واتَّفق العلماء على أنَّ هذا الحديث ليس فيه حَصْرٌ لأسمائه سبحانه وتعالى، فليس معناه أنَّه ليس له أسماءٌ غير هذه التِّسعة والتسعين، وإنَّما مقصود الحديث أنَّ هذه التسعة والتسعين مَن أحصاها دخَلَ الجنَّة، فالمراد الإخبارُ عن دخول الجنة بإحصائها لا الإخبار بحَصْر الأسماء؛ ولهذا جاء في الحديث الآخر: (أسألُك بكلِّ اسمٍ سَمَّيتَ به نفسَك، أو استَأثرتَ به في عِلم الغَيب عندَك)، وقد ذَكَر الحافظ أبو بكر بن العربي المالكيُّ عن بعضهم أنَّه قال: لله تعالى ألفُ اسمٍ، قال ابن العربي: وهذا قليلٌ فيها، والله أعلم. اهـ.
[36] انظر صحيح الترمذي (برقم/ 3632)، صحيح الكلم الطيب (21/ 22) للألباني.
[37] انظر صحيحَ ابن ماجه برقم/ 3858، وصحيح الترمذي برقم/ 3544 للألباني.
وقال الألباني رحمه الله: فيه مشروعيَّة التوسل إلى الله تعالى بأسماء الله تعالى الحسنى وصفاته، وهو ما أمَر الله تعالى به في قوله: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180]؛ ولا سيَّما الاسم الأعظم، وقد اتَّفق العلماء على ذلك؛ لهذا الحديث وما في معناه.
وإن ما يؤسَف له أن ترى الناس اليوم - وفيهم كثير من الخاصَّة - لا تكاد تسمع أحدًا منهم يتوسل بأسماء الله تعالى؛ بل إنهم على العكس من ذلك يتوسلون بما لم يأت به كتابٌ ولا سُنَّة، ولم يُعرَف عن السالفين من الأئمة؛ كقولهم: أسألك بحق فلان، أو جاه فلان، أو حرمة فلان! اهـ. انظر موسوعة الألباني في العقيدة (3/ 645).
رابط الموضوع:
http://www.alukah.net/sharia/0/88964/#ixzz4z8Ps2NWf